[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الأمير القدّيس الحسن العبادة بطرس والأميرة القدّيسة الحسنة العبادة فبرونيا هما القدّيسان العجائبيان من مدينة موروم، وقد أعلنت الكنيسة قداستهما لأنهما كانا نموذجاً لأسرة مسيحية مثالية. وهذا هو سبب إكرامهما الكنسي والشعبي منذ أكثر من ثمانية قرون، ويطلب المؤمنون في روسيا صلواتهما من أجل البركة السماوية للزواج.
كانت قصّة حياة القدّيسين العجائبيين الزوجين بطرس وفبرونيا جزءاً مهمّاً من التقليد الشفهي لأهل محافظة موروم لقرون كثيرة، حيث عاش القدّيسان وكانت تُحفظ رفاتهما الكريمة. وعلى مرّ الزمن اكتسبت الأحداث الحقيقية صبغة الحكاية واتحدت في ذاكرة الشعب بأساطير وأمثال تلك المنطقة. وحالياً يدور الجدال بين الباحثين حول الشخصيات التاريخية التي تُنسب إليها سيرة القدّيسين، فيعتقد البعض بأنّهما الأمير داود وزوجته إفروسينيا (وهما في الرهبنة بطرس وفبرونيا ورقدا في عام 1228)، بينما يرى البعض الآخر أنهما الزوجان بطرس وإفروسينيا اللذان كانا حاكمين على موروم في القرن الرابع عشر.
نجد تفاصيل سيرتهما في "الرواية عن بطرس وفبرونيا" المكتوبة في النصف الأول من القرن السادس عشر ومؤلفها هو الكاهن هرمولاوس الذي كان يخدم في إحدى كاتدرائيات الكرملين وكان من أوساط الكتاب الكنسيين المقرّبين إلى القدّيس مكاريوس ميتروبوليت موسكو.
كان الأمير بطرس الحسن العبادة هو الابن الثاني لأمير موروم يوري فلاديميروفيتش واعتلى عرش موروم في عام 1203. قبل عدة سنوات كان بطرس قد أصيب بالبرص ولم يستطع أحد أن يشفيه. وعرف الأمير في رؤيا أنّه لن ينال الشفاء إلا على يد الفتاة التقية فبرونيا ابنة النحّال من القرية في محافظة ريازان. فأرسل بطرس خدّامه إلى تلك القرية.
عندما رأى الأمير فبرونيا أحبّها لتقواها وحكمتها وطيبة قلبها فوعدها بأن يتزوّجها بعد شفائه بالرغم من أصلها من الفلاحين. فشفت فبرونيا الأمير بطريقة عجائبية وتزوّجت منه.
بعد موت أخيه أصبح بطرس حاكماًً على المدينة. كان النبلاء يحترمون أميرهم ولكن زوجاتهم المغرورات كرهن فبرونيا وهنّ لا يردن أن تكون الفلاحة أكبر منهنّ مكانة. فأصبحن يحرّضن أزواجهنّ ضدّ الأميرة. أقام النبلاء وشاية ضدّ فبرونيا وذات يوم طالبوها بمغادرة المدينة وسمحوا لها بأن تأخذ معها ما تريد. لكن الأميرة لم تكن بحاجة إلا إلى زوجها. ففرح النبلاء إذ أنّ كل واحد منهم كان يحلم سرّاً بأن يشغل منصب الأمير فأخبروا بطرس بكل شيء. أما الأمير فعندما عرف أنّهم يصرّون على فراقه مع زوجته الحبيبة فضّل أن يتخلى عن السطلة والغنى وقرّر مغادرة المدينة والتوجّه إلى المنفى معها طوعاً.
أبحر الزوجان في النهر في مركبين. وأصبح أحد الرجال الذي كان مع أسرته في نفس المركب مع فبرونيا ينظر إلى الأميرة بشهوة. فعرفت الأميرة القدّيسة فكره ووبّخته بلطف قائلة: "إغرف الماء من طرفي المركب، فأي منهما أعذب من الآخر؟". فأجاب الرجل: "لا فرق". فقالت الأميرة: "هكذا هي طبيعة المرأة لا فرق فيها. فلماذا سهوت عن زوجتك وتفكّر في زوجة غيرك؟" فتحيّر الرجل وتاب في نفسه.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ما أن استيقظ الزوجان من النوم حتى بلغهما المرسلون من موروم وهم يتوسّلون إلى بطرس بأن يعود إلى عرشه لأن النبلاء كانوا قد تخاصموا بسبب السطلة وأراقوا الدماء والآن أصبحوا يطلبون الراحة والسلام. فرجع القدّيسان بطرس وفبرونيا إلى مدينتهما باتضاع وحكما فيها وقتاً طويلاً وهما يعيشان حياة الصلاة والتقوى. وعندما بلغا الشيخوخة دخلا الرهبنة وأصبح اسم بطرس داود واسم فبرونيا إفروسينيا وتضرّعا إلى الله بأن يؤهّلهما لأن يموتا في يوم واحد. ووصّيا بدفنهما في تابوت واحد يفصل بينهما حاجز رقيق.
ذات يوم شعر بطرس باقتراب أجله فأرسل مريده إلى الدير المجاور حيث كانت زوجته. في تلك اللحظات كانت فبرونيا تشتغل بتطريز الغطاء للكأس المقدّسة بخيط ذهبي، فطلبت من المرسَل أن ينتظر زوجها قليلاً لأنه يجب عليها إنهاء عملها. وبعد قليل جاء المريد راكضاً مرة أخرى يخبرها بأن زوجها على وشك الموت. وطلبت الانتظار من جديد. وعندما أبلغها للمرة الثالثة بأن الأمير قد حان وقت انتقاله قامت الأميرة بآخر قطبة ولفّت الإبرة بخيط ذهبي وماتت.
انتقل الزوجان إلى الرب في 25 يونيو من عام 1228 كل واحد في قلايته. اعتبر الناس من غير اللائق دفن الراهبين في نفس التابوت وتجرّأوا على مخالفة إرادة الراقدين. ولكن بعد أن وضعوا جسديهما في تابوتين وجدوهما في تابوت واحد في اليوم التالي. وهكذا مرّتين. فدفنوا الزوجين القدّيسين في تابوت واحد بالقرب من كنيسة ميلاد والدة الإله بمدينة موروم، وكان كل مؤمن يأتي إليهما طلباً للشفاء يناله بصلواتهما.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أعلنت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية قداستهما في عام 1547. ولكنها لم تمنحهما رتبة "المتوشحين بالله"٭ بالرغم من أنهما لبسا الإسكيم الكبير في أواخر حياتهما، بل تكرمهما كأميرين حسني العبادة٭٭. تُحفظ رفاتهما في دير الثالوث القدّوس للراهبات في مدينة موروم بمحافظة فلاديمير بروسيا.
كان عيد القدّيسين بطرس وفبرونيا العجائبيين من موروم شفيعيْ الزواج والأسرة معروفاً في روسيا منذ قديم الزمان وكان يُحتفل به على نطاق واسع سابقاً. كان من عادة الشعب في هذا اليوم الحضور إلى الكنائس حيث كان الشباب يصلّون من أجل الزواج والمحبّة، أما الكبار فمن أجل الوفاق في الأسرة.
في 26/3/2008 دعم مجلس الاتحاد في روسيا بالإجماع المبادرة حول تأسيس عيد جديد على مستوى الدولة وهو "يوم الأسرة والمحبّة والإخلاص" الموافق للثامن من يوليو وهو يوم تذكار القدّيسين بطرس وفبرونيا. قد أصبح الكثيرون يعتبرون هذا اليوم "عيد العشاق الأرثوذكسي" وهم لا يعترفون بيوم 14 فبراير الذي تحوّل إلى مشروع تجاري ولا علاقة له بتعاليم الكنيسة الأرثوذكسية. والآن يلجأ الكثيرون من المؤمنين الأرثوذكس في صلواتهم إلى القدّيسين بطرس وفبرونيا راجين منهما الشفاعة في تكوين أسرة سعيدة.
---------------------------------
٭ المتوشّح بالله (преподобный) هي رتبة القداسة الخاصّة بالرهبان فقط.
٭٭ الأمير القدّيس الحسن العبادة
(святой благоверный князь) – في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية رتبة القداسة الخاصّة بالأمراء والحكّام الذين تميّزت حياتهم بالتقوى والعمل الدؤوب لأجل ترسيخ الإيمان الأرثوذكسي في بلادهم.
almasdar