القديسان بطرس وبولس القديــس بطــرس
:
كانت كلمات الرب يسوع لسمعان بطرس "تعالى اتبعني"(مر17:1)، كما كانت آخر كلماته له: "اتبعني أنت"(يو22:21)، وفي كل خطوة بين هاتين الدعوتين لم يكف بطرس عن إتباع الرب يسوع رغم انه كثيراً ما تعثر.
عندما دخل الرب يسوع إلى حياة بطرس أصبح ذلك الصياد البسيط صياداً للنفوس، وشخصاً جديداً له أهداف جديدة وأولويات جديدة، لم يصبح إنساناً كاملاً على أي حال، ولم يكف عن أن يكون سمعان بطرس ولا ندري ماذا رأى يسوع في سمعان حتى دعاه باسم "بطرس" أي "الصخرة"، ولا شك في أن بطرس المندفع لم يتصرف في معظم الأوقات كصخرة، ولكن عندما اختار الرب يسوع تلاميذه لم يكن يبحث عن نماذج مثالية، لكنه كان يبحث عن رجال فاختار أناساً تستطيع محبته أن تغيّرهم ثم ترسلهم لإعلان أن قبوله متاح لكل إنسان حتى لمن يسقطون كثيراً.
إننا نعلم انه اقتبِل بطرس بالرغم من سقطاته، وقد عمل بطرس أشياء كثيرة عظيمة في خدمة الله، وأصبح القائد المعترف به بين تلاميذ يسوع وأحد الثلاثة المقربين جداً منه، وكان أول صوت عظيم للمناداة بالإنجيل في يوم الخمسين وبعده، والأرجح انه عرف مرقص وقدم له المعلومات المدونة في إنجيله، كتب رسالتيه الأولى والثانية بإرشاد من الروح القدس.
كثيراً ما اندفع في الكلام بدون تفكير فبدا متسرعاً، وفي أثناء محاكمة يسوع أنكره ثلاثة مرات، وكان من الصعب عليه أن يعامل المؤمنين من الأمم على قدم المساواة، استشهد بطرس في روما بصلبه مقلوباً بعد جهاد مرير في نشر البشارة بملكوت السماوات وللإيمان بالرب يسوع مخلصاً.
القديــس بولــس:
لم يقدر احد بعد الرب يسوع أن يشكل تاريخ المسيحية مثلما فعل القديس بولس، حتى قبل أن يؤمن بالمسيح كانت أعماله ذات مغزى للمسيحية، فإن اضطهاده المستمر للمسيحيين عقب استشهاد استفانوس حمل الكنيسة على أن تبدأ في طاعة وصية المسيح الأخيرة بحمل الإنجيل لكل العالم، وقد تغيرت حياته بسبب مقابلته الشخصية مع يسوع، ولم يفقد شدته بل حولها لخدمة الإنجيل.
كان بولس متديناً للغاية وحصل على أرقى تعليم ممكن على يدي غمالائيل، كما كانت جهوده ونواياه جادة، فهو فريسي صالح يعرف الكتاب المقدس ويؤمن بجدية وخطورة الحركة المسيحية على الديانة اليهودية وهكذا ابغض الإيمان المسيحي واضطهد المسيحيين بدون رحمة.
لقد اخذ بولس تصريحاً بالسفر إلى دمشق للقبض على المسيحيين هناك واقتيادهم إلى أورشليم، إلا أن الله أوقفه في الطريق وتلاقى مع الرب يسوع شخصياً، فتغيرت حياته وبعد دخوله الإيمان حمل الإنجيل لغير اليهود فبشر السامرة وعندما أرسلت الكنيسة برنابا إلى طرسوس وجد بولس وأخذه معه إلى أنطاكية، حيث عملا معاً بين المؤمنين هناك ثم ذهبا في رحلة تبشيرية هي الأولى من ثلاث رحلات قام بها بولس لحمل الإنجيل عبر إمبراطورية روما.
وقد تسبب موضوع شائك في كثير من المشاكل للكنيسة الأولى، وهو:
هل يجب أن يخضع المؤمن الأممي لشرائع اليهود قبل أن يصبح مسيحياً؟.
وقد عمل بولس جاهداً أن يقنع اليهود بأن الأمميين مقبولون لدى الله، إلا انه بذل وقتاً اكبر في إقناع الأمميين أنفسهم بأنهم مقبولون لدى الله.
لم يترك الله أي جزء من حياة بولس بما في ذلك خلفيته وتعليمه ومواطنته وجنسيته وفكره بل وضعفاته، وقد كتب رسائل إلى مختلف الكنائس وصارت جزءً لا يتجزأ من كتاب العهد الجديد، ولم يخف مطلقاً من مواجهة أية قضية ومعالجتها، لقد كان حساساُ جداً لقيادة الله له، وبرغم قوة شخصيته كان يعمل دائماً بحسب قيادة الله، وكثيراً ما يسمى بولس باسم رسول الأمم.
تعاليمه كانت تتصف بأن المغفرة والحياة الأبدية هي نعمة من الله ننالها لكل الناس بالإيمان بالمسيح، والطاعة تنشأ عن علاقة الإنسان بالله، والحرية الفعلية لن ننالها إلا حين نكف عن إثبات حريتنا، فالله لا يضيع وقتنا فهو يستخدم ماضينا وحاضرنا حتى نخدمه في مستقبلنا، وهو صاحب القول المعروف عنه:
" الحياة عندي هي للمسيح، والموت ربح لي ولكن إن كان لي أن أحيا في الجسد فحياتي تهيئ لي عملاً مثمراً ولست ادري أي من الاثنين اختار " (في21:1-22)
استشهد القديس بولس في روما بقطع رأسه، وأصبح معلم الكنيسة وأحد عمدها الهامين جداً، ورسائله تحمل تعاليم لاهوتية قيّمة جداً وخاصة رسالته إلى أهل رومية.
طروبارية:
أيها المتقدمان في كراسي الرسل، ومعلما المسكونة، تشفعا إلى سيد الكل، أن يمنح السلامة للمسكونة ولنفوسنا الرحمة العظمى.