المينولوجيون
في هذا اليوم المبارك الواقع فيه السادس والعشرون من شهر كانون الأول تقيم الكنيسة المقدّسة عيدًا حافلاً لوالدة الإله الكلية القداسة والدائمة البتولية مريم كما وتقيم تذكار القديس الشهيد في الكهنة أفثيميوس.
أمّا العيد الحافل الذي نجتمع فيه باحتفال لتمجيد والدة الإله فإننا نحتفل به كواجب خاص مفروض علينا نحوها لأنها ولدت لنا ابن الله وكلمته ولادةً تفوق الطبيعة وصارت بذلك واسطة لخلاص البشر.
وأما القديس افثيميوس الإلهي فكان على عهد المجمع المسكوني السابع المنعقد في مدينة نيقية سنة 787 وهو ثاني مجمع مسكوني انعقد فيها فحضر إليه. ثم لأجل مناضلة عن وجوب السجود للأيقونات المقدسة أُنزل عن كرسيّه وحُكم عليه بالقيود والضرب بالسياط وهكذا توفي مستشهدًا في رأس من أعمال بيثينية يدعى اقريطة كان قد نفاه إليه ميخائيل الطرافلوس الذي ملك من سنة 820 إلى سنة 829.
فبشفاعات والدتك الكلية القداسة وشهيدك في الكهنة أفثيميوس، اللهمّ، ارحمنا وخلّصنا آمين.
وفي هذا اليوم، الأحد بعد الميلاد، نقيم تذكار القدّيسين يوسف خطيب مريم البتول، وداود النبي والملك، ويعقوب أخي الرب،
أمّا يوسف فكان ابن يعقوب وختن عالي، وهو أبو العذراء مريم ولذلك كان يقال عن يوسف إنه ابنه. وكان يوسف من سبط يهوذا وبيت داود نجاراً بحسب الصناعة ساكناً في مدينة الناصرة. ولما خطب العذراء كان شيخاً وقد تم له ذلك بمسرة إلهية ليخدم العذراء في سرّ تدبير التجسّد العظيم. وكانت وفاته بعد السنة الثانية عشرة من ولادة المخلص حسب أخبار الآباء المتداولة.
وأما داود، الفتى المتألّه، جدّ الإله، والنبي العظيم بعد موسى النبي، وأول من كتب نبؤة بعد ذاك، فكان ابن يسى من نسل يهوذا، وقد ولد سنة 1085 قبل المسيح في بيت لحم التي لذلك دعيت بمدينة داود. وإذ كان حدث السن بعد، مسَحَه صموئيل النبي سراً بأمر الله، ليكون ملكاً ثانياً على إسرائيل. وكان شاول إذ ذاك حياً إلا أنّه كان قد تعرى من النعمة الإلهية. فلمّا قتل شاول في الحرب انتخب داودَ سبطُه أولاً ملكاً عليهم وهو ابن ثلاثين. سنة ثم انتخبه شعب إسرائيل برمته فملك 40 سنة وفي سنة 1015 قبل المسيح توفي وله من العمر 70 سنة، وكان قبل وفاته قد أقام ابنه سليمان خليفة عنه في الملك.
ثم إنّ التاريخ الشريف يخبرنا بالتدقيق عن النعمة الروحية الساكنة في داود منذ حداثته عن أعماله الدالة على شجاعته وتقواه التي فعلها مدة حياته، وعن سقطاته البشرية، وتوبته لله العظيمة عنها، التي تصلح لأن تكون نموذجاً. وكلّ من قرأ مصغياً كتاب المزامير الإلهي الذي ألّفه داود النبي كلّه تقريباً، يرى التعليم المشتهى جدّاً،ً الذي أعدّته النعمة الإلهية الساكنة فيه للبشر، مازجة فيه الفائدة بلذة الوزن المترنم به. ونحن، بما نتلوه منه في صلواتنا النهارية والليلية، التي تقام عند اجتماعنا في الكنائس أو على حدة، نسبّح إله الكلّ، ونروّض آلام النفس والجسد، ونرى فيه تعداد احسانات الله الصائرة إلينا، والشكر عنها، وإنباآت واضحة للغاية عما هو مزمع أن يكون. ثمّ إنّه يتضمّن أقوالاً نبوية وتاريخية وطبيعية ووعظية وشرعية، وكلام تعزية وتعاليم أدبية ولاهوتية وعقائدية. فهو مجموع عظيم الفائدة منوّع المضمون، يحتوي على كلّ حكمةٍ روحية. أمّا اسم داود الذي معناه في العربية (المحبوب)، فكثيراً ما يتّخذ في الكتاب المقدّس رسماً عن اسم المسيح، وأحياناً عن الملوك المؤمنين.
وأما يعقوب أخو الرب فقد كان على رأي البعض، ابن يوسف الخطيب مولوداً له من إمرأته التي كانت معه قبل أن يخطب مريم الدائمة البتولية. ومن ثمّ دُعي ابناً لها وأخاً للرب، كما كان يُظنّ بالرب أنّه ابن يوسف. ويرى آخرون أنّه كان ابن أخي يوسف أي ابناً لأخيه كلاوبّا، المدعو حلفى أيضاً، مولوداً له من امرأته مريم التي كانت أخت أو بالأحرى ابنة خالة والدة الإله. فعلى هذه النسبة كان يُدعى أيضاً أخا الرب للقرابة التي بينهما اتّباعاً لمنهج الكتاب المقدّس.
فيعقوب هذا يُلقّب من الإنجيليين بالصغير، تمييزاً عن يعقوب بن زبدى الذي يُلقّب بالكبير. وقد أُقيم أوّل أسقف على أورشليم سنة 34. فالبعض يرون أنّ الرب نفسه أقامه على السدّة الأسقفية. وأمّا افسابيوس فيقول إنّ الرسل أقاموه. وكان يلقّب بالوليّ لعظم لبِرّه وعدله.
ثمّ صعد في يوم عيد الفصح على جناح الهيكل وهو المكان البارز في سقفه، إذ حثّه الجميع على ذلك، وأعطى من هناك الشهادة عن يسوع المسيح التي كانوا يطلبونها منه كارزاً بصوتٍ جهير أنّ يسوع جالسٌ عن يمين القوّة العظمى وسيأتي على سحب السماء. فعند هذه الشهادة، صرخ كثيرون من الحاضرين قائلين: "هوشعنا لابن داود". أمّا الكتبة والفريسيون فصاحوا قائلين: "أواه ثمّ أواه فإنّ الصدّيق أيضاً قد ضلّ"، ثمّ دهوروه من هناك بأمر حنانس رئيس الكهنة ورجموه. وفيما هو يصلّي من أجل قاتليه، شُجّ رأسه بخشبة قصّار ثياب ( القصَّار = صابغ الثياب) فأسلم الروح سنة 63.
وقد كتب هذا الرسول الرسالة الأولى من الرسالات المدعوّة "جامعة" إلى اليهود الذين في الشتات.
فبشفاعات القدّيس يوسف خطيب مريم البتول والدة الإله، والملك والنبي داود، ويعقوب الرسول أخي الرب، أيها الرب يسوع المسيح، إلهنا، ارحمنا وخلّصنا. آمين.