georgette ادارية
عدد المساهمات : 3446 تاريخ التسجيل : 06/02/2010
| موضوع: الابن الشاطر 14/2/2011, 7:43 pm | |
| الابن الشاطر
حكـى يسـوع كثيـرًا عـن التـوبـة صـراحـة. هنـا يـؤلـف حكـايـة تُصـوّر هـذا التعـليـم تصـويـرا. وتـدور الحكايـة او المثـل هكذا: انسـان كـان لـه ابنـان، الصغير أراد ان يأخذ مسبقًا حصتـه من الإرث وأن يفـتـرق عـن بيـت الأهـل، والآخـر لـم يـرد القسمـة بـل أراد البقـاء فـي البيـت. الصـغـيـر أخـذ كـل أمتـعـتـه وعـاش فـي بـلـد بعيـد على هـواه عـائشـًا فـي الخـلاعـة. أنـفـق كل شيء إذ حدثـت فـي الغـربـة مجـاعــة وحـاول أن يعيــش بمـال قـلـيـل يـجـنيـه مـن عملـه ولكـن كسبـه كـان قــليـلا.
فكـّر بالعـودة الـى بيـت العائـلـة وأن يقـول لأبيـه انـه ابنـه أي أن يعتـرف بخطـايـاه. فيما هو غيـر بعيـد عـن البـيـت رآه أبـوه. هـل كـان الرجل على شـرفـة او على سطح مطـلّ على آخـر طـريـق العـودة؟ هـل انـه لـم ييـأس مـن عـودة ابنـه؟ هـل كـان يتـوقّع أن يقـع الشاب في خسارة اقتصادية لكونه ذهب لينفق لا لـيـجـمـع ثـروة؟
“رآه أبـوه فـتـحـنّــن عـــليــه وأســرع وألـقـى بنـفسـه على عنـقـه وقبّـلـه”. لـم يـوبّـخـه، لـم يلُـمـه، لـم يقـل لـه ان السلوك الحَسـن كـان أفضـل مـن السلـوك السـيء. اكـتـفى بـأن يعـانـقـه وان يـعـطـيه الحلـّة الاولى ويـُلبـسـه فـقد كـان ممـزَّق الثـيـاب ككـل انسـان جـاع ومـا كان عنـده ان يشتـري ثـوبـًا. وذبـح لـه العجـل المُسّمـن وقـال للخـدّام: “ان ابني كان ميتًـا فعـاش وكـان ضـالا فـوُجـد”. سمّـاه ابنـه اي لـم يقـطع العـلاقـة بـه.
وكان في الحـاشيـة غنـاء ورقـص، وتعجـّب من هذا الابـن الـذي بقـي حـرا وغـضب لكـونـه اعـتـبـر ان أبـاه كـان ظـالمًـا فـفصل نـفـسه روحيـا عـن العـائلـة ولم يُرد أن يـدخـل، وأخـذ يُمـنـّن أبـاه واعـتـبـر نفسـه بارّا. كيـف يُعـامـل الأزعـر مثـل الطـاهـر؟ كيف يـفـضّـل الـولـد الساقط على الذي لـم يسقـط؟ هـذا ما كـان يـدور في فكره. أيكون جـزاء الـزاني أن يعـامـل مثـل الـذي بـقـي طـاهـرًا؟
منطق الآب كان منطقًا آخر. البار أُعامله كصاحب البيت. يأكل ويشرب ويتنعم بكل ما في البيت. تنعّم الى الحدّ الأقصى وليس من حقّه أن يُعاقب أخاه. والمال للأب وهو حرّ به. ولم يمنع عن الكبير شيئًا. لم يحرمه شيئًا. العجل المُسمّن له والخاتم والحذاء، وله الحق أن يعطيها كلها لمَن شذّ ومرق.
كان قلب الوالد همّه أن يخلص ابنه المتمرّد وأن يقول له انه لا يزال يحبّه، وأحسّ الوالد بأن ابنه الصغير كان كالميت وسمّاه الإنجيل ميتًا.
هذا المثل الذي سُمّي “مثل الابن الشاطر” في تراثنا هو في الحقيقة، اذا اعتبرنا الولدين، “مثل الوالد الحنون” الذي غفَر للولد المُتمرّد وعامل بالعدل الولد الأكبر. عامل كل واحد بأسلوب ولكن بالمحبّة الواحدة. يسوع جاء ليخلّص الخطأة، وإذا ميّزهم فلكي يحسّوا ويتوبوا ويعودوا الى وجه الآب السماوي.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).
المصدر رعيتي عدد 20 شباط
| |
|