شرح وتفسير صلاة نصف الليل صلاة نصف الليل هي اول خدمة من
بين الخدم الالهية التي تشكل الدورة الصلاتية اليومية الصباحية في بعض الاديرة. في
الوقت الحاضر تقام في رواق الكنيسة لكن في الكنائس الرعوية تقام بشكل عام في
الصباح قبل السحرية في صحن الكنيسة .
ترتيبها يحمل ثلاثة اشكال :
1-خدمة الايام الاعتيادية ما عدا
الاحد والسبت.
2- خدمة
السبوت .
3- خدمة
الآحاد .
هدف وتاريخ الخدمة :
خدمة منتصف الليل ظهرت
لاحتياجات رهبانية سهرانية توحودية وهي ترمز الى الاستعداد والتقيظ في زمن الليل
حيث يجب على المسيحي ان يعيشه لاستقبال العريس،ترمز الى التسبحة المستمرة التي
تقدمها الملائكة امام العرش الالهي : " الرهبان يتمثلون بالملائكة الرهبان الذين نذروا انفسهم ليصبحوا ملائكة
بالجسد بعيشهم على الارض" في الوقت
الذي يكون الناس فيه نياما.
والكنيسة التي تتمثل بالرهبان وبالمؤمنين
الاتقياء فهي تتمم واجبها في تسبحة الخالق في كل وقت جاعلة من الصلاة وسيلة توسلية
غير منقطعة ومن اجل سلام كل العالم .
في القرن الثالث نجد هيبوليتس
اسقف روما وملمحا حول تقليد قديم يتم بموجبه " ان جميع المخلوقات تبقى في
منتصف الليل لحظة من السكون لتمجد الخالق مشتركة مع الملائكة ونفوس الصالحين وما
على المؤمنين الا الاشتراك معهم بالصلاة في هذه اللحظة".
ان المخلص قد مارس صلاة نصف
الليل اذ اعتاد ان يصلي كثيرا في الليل
اما وحيدا (لوقا 6- 12) واما مع تلاميذه (يوحنا 18- 12) اذ اوصاهم ان يصلوا بدون
انقطاع .اسهروا وتضرعوا في كل حين .
صلاة نصف الليل كانت ممارسة في
الطقس العبادي في الهيكل.مرنم المزمور 118 يذكر لنا ذلك . هذا المزمور رتبته
الكنيسة مقسمة اياه الى 17 الكاثسما ولكي يقرأ في صلاة نصف الليل في جميع
الايام والسبب في ذلك انه يحمل في ذاته
اكثر من مرة حول اقامة صلاة في نصف الليل.
المزمور 133 يتحدث حول اقامة
صلاة الليل استمرارا لتوصية مرنم المزامير وتوصية المخلص. مارس الرسل في حياتهم اليومية هذه الصلاة
اليومية الليلية (اعمال الرسل16- 25).ان بولس وسيلا وجميع اليهود الغيورين يمارسون
مثل هذه الصلاة .
بصفان ومميزيات هذه الخدمة
الليلية نحن نعيش حياة المؤمنين في
الكنيسة الاولى،عندما كانت الخدمة الالهية ذات مظهر ليلي في بداية الامر كانت
تشكل جزءا كاملا من خدمة السهرانية .
وكانت تقام بنوع خاص في السبت نحو الاحد والاعياد السيدية والممتازة.
مع مرور الزمن نظمت ورتبت هذه
الخدمة لكي تكون مختصرة مما جعلها تخرج من خدمة السهرانية وبقيت بالتالي مستقلة
بحد ذاتها تقام في منتصف اليل في الاديرة . وفي الصباح في الكنائس الرعوية وتقام
فقط في ايام الاعياد وفي كلا الحالين فهي متحدة مع خدمة صلاة السحر كتمهيد لها في
بداية القرن الثاني(11- 113).
رسالة بلينوس الشاب حاكم
بيتانيا والموجهة الى الامبراطور ترايانوس تتحدث عن اجتماعات المسيحيين الليلية
وفي نهاية القرن الثاني وبداية القرن الثالث نرى ترتليانوس يوصي المسيحيات ان لا
يتزوجن من الرجال الوثنيين لانهم لا يسمحوا لهن بالاشتراك في الاجتماعات المسيحية
الليلية.
يذكر اوريجنوس حول الصلوات في
وقت الليل الصلوات التي يقوم المسيحيون
وفي نفس الفترة اسقف قرطاجة كبريانوس يوصي المؤمنين باقامة صلاة الليل .
في القرن الرابع في الشرق
باسيليوس الكبير يوصي رهبانه باقامة الخدمة الالهية الليلية معللا كلامه بالنصوص
الكتابية التي وردت .
نحو نهاية القرن الرابع تخبرنا الحاجة سيلفيا انه في صباح يوم الاحد
وقبل اقامة القداس يتم فتح ابواب كنيسة القيامة قبل صياح الديك ويقوم المؤمنون
بتسبيح الله حتى الصباح بالصلوات والترانيم باشتراك الكهنة والشمامسة كاستعداد
للسهر.
في ذات الفترة يؤكد القديس
يوحنا الذهبي الفم "ان المؤمنين الغيورين في زمنه كانوا يقومون بالصلاة من منتصف الليل حتى الصباح ويقول بان
الصلاة في هذا الوقت تكون اكثر نقاء لان الفعل يكون اكثر صفاءً.
من خلال وصفنا صلاة منتصف اليل
في علاقة مع تاريخ الفداء تذكرنا هذه الخدمة ببدء آلام الرب وبنوع خاص بصلاته التي
خلالها صار عرقه كقطرات دم في بستان الجثمانية والتي تبعها بعد ذلك القاء القبض
عليه وسياقه الى رئيس الكهنة حنانيا وحدث
هذا في نصف الليل.
ولكن من جهة اخرى بقيامة الرب
التي حدثت في الجزء الثاني من الليل اي نحو النهار ،اما النهوض من النوم في منتصف
الليل يرمز الى قيامتنا من الاموات، باستعدادنا للدينونة العامة اذ سيأتي المخلص
يخلص في منتصف الليل .
لهذا قرع الناقوس في منتصف
الليل يرمز الى ابواق الملائكة في يوم وقت الدينونة وهذه الفكرة يعبر عنها بشكل
واضح من خلال الطروباريتين في القسم الاول لخدمة صلاة نصف الليل للايام الاعتيادية
:" هاهوذا الختن " ، " تفطني يا نفسي بذلك اليوم ".
هاتات الطروباريتان توجدان في
الطقس القبطي ونجدها باشكل مختلفة في الطقوس الليتورجية الشرقية وهذا يعني انهما
اعتمدتا قبل القرنين الخامس والسادس وهما تصفا صلاة منتصف الليل بلونها الخاص
الليلي اذ انهما تعكسان فكرة كانت منتشرة في الكنيسة الاولى وهي فكرة المجيء
الثاني لرب الذي كان المسيحيون يتمنون حدوثه
سريعا اعتمادا على كلام المخلص (مرقس 31: 35) .
تبفى الطروباريتين يحثنا على
ان نفكر بنهاية حياتنا التي يمكن ان تحدث فجأة وكذلك يحثنا ان نصلي لتكون بحماية
الملائكة القديسين بسلام لهذا وضعنت الكنيسة في ايدي المؤمنين في نهاية القسم
الاول لصلاة منتصف الليل لايام السبت صلاة القديس افسترتيوس الذي سقط شهيدا من بين
الشهداء الخمسة سنة 303 في عهد
ديوكلويانوس تعيد لهم الكنيسة في 3 كانون الاول . هذه الصلاة تشكل الصلاة المثالية
للشهيد المسيحي على عتبة الموت ولكل مسيحي ان يرددها في حال وجوده امام الصعوبات
والاضطهادات.
تفكيرنا بالمجيء الثاني يذكرنا
ايضا باؤلئك الراقدين الذين هم بحاجة لكي نصلي لاجلهم في هذه الساعة من الليل هذا
ما يفسره وجود الطروباريات والافاشين الاخوة الراقدين في صلاة منتصف الليل.
القوانين الثالوثية"
الثالوثيات" الموجودة في هذه الخدمة لايام الاحاد هي من تأليف العقائدي
والملحن يوحنا الدمشقي اما الطروباريات الثالوثية فهي تعود الى غريغوريوس السينائي
الذي رقد 1310 وتعيد الكنيسة له في 6 نيسان هاتان المجموعتان من التراتيل مضافة
اليهما الصلاة الختامية لمرقس الراهب اسقف ادرونت تشكل الجزء الاساسي لصلاة منتصف
الليل للاحاد وهي من احدى الخدم القلائل التي بشكل مباشر يتم من خلالها تقديم
العبادة التمجدية للثالوث القدوس بمظهر ذوكصولوجي في الطقس الليتورجي البيزنطي.
والشكر
لله على كل شيء. عن السراج الأرثوذكسي