رعية رئيس الملائكة ميخائيل + نابيه + أبرشية جبل لبنان
أهلأً بكم ونشكر الرب على بركة قدومكم
قد تكون صدفة أو بدعوة من احد اصدقائك ,
ولكن مجرد وصولك الى هذه الصفحة من موقع رعيتنا المباركة ، إعلم ان الله قد رتب لك ولنا هذا اليوم لنلتقي.

اضغط على خانة( تسجيل ) إن لم تكن مسجل سابقاً واملأ الإستمارة كما يظهر امامك .وسيصلك الى الهوتميل رسالة من المنتدى تدعوك لتفعيل عضويتك . قم بهذا وادخل بعدها للمنتدى بسلام .

أواضغط على خانة ( الدخول ) ان كنت مسجل سابقاً واكتب اسم الدخول وكلمة السر وشاركنا معلوماتك وافكارك .


المدير العام
+ الأب بطرس
رعية رئيس الملائكة ميخائيل + نابيه + أبرشية جبل لبنان
أهلأً بكم ونشكر الرب على بركة قدومكم
قد تكون صدفة أو بدعوة من احد اصدقائك ,
ولكن مجرد وصولك الى هذه الصفحة من موقع رعيتنا المباركة ، إعلم ان الله قد رتب لك ولنا هذا اليوم لنلتقي.

اضغط على خانة( تسجيل ) إن لم تكن مسجل سابقاً واملأ الإستمارة كما يظهر امامك .وسيصلك الى الهوتميل رسالة من المنتدى تدعوك لتفعيل عضويتك . قم بهذا وادخل بعدها للمنتدى بسلام .

أواضغط على خانة ( الدخول ) ان كنت مسجل سابقاً واكتب اسم الدخول وكلمة السر وشاركنا معلوماتك وافكارك .


المدير العام
+ الأب بطرس
رعية رئيس الملائكة ميخائيل + نابيه + أبرشية جبل لبنان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى ارثوذكسي انطاكي لنشر الإيمان القويم
 
الرئيسيةآية لك من الربالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
حتّى لا تفقدوا البركة، الّتي منحكم إيّاها الله، جاهدوا وحاربوا، حتّى تتمثّلوا كلّ فكر يلهمكم به، واطردوا كلّ فكر يقتلكم. (القدّيس صفروني الآثوسيّ) في أعاصير زماننا، من الواجب أن نبقى صاحين. هذا أوّل شيء أطلبه منكم: اسمعوا كلمة الإنجيل، كونوا صاحين، ولا تكونوا أولادًا في أذهانكم. (القدّيس صفروني الآثوسيّ) إنّ أبي الرّوحيّ نصحني ألّا أقرأ أكثر من بضع صفحات، في اليوم: ربع ساعة، نصف ساعة، إنّما أن أُطبّق، في الحياة اليوميّة، ما أقرأ. (القدّيس صفروني الآثوسيّ)
نشكر زيارتكم أو عودتكم لمنتدانا فقد اسهمتم باسعادنا لتواجدكم بيننا اليوم .

 

 إقامة لعازر والدخول إلى أورشليم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
fr.boutros
Director-General
fr.boutros


ذكر
عدد المساهمات : 3017
تاريخ التسجيل : 18/11/2009

إقامة لعازر والدخول إلى أورشليم Empty
مُساهمةموضوع: إقامة لعازر والدخول إلى أورشليم   إقامة لعازر والدخول إلى أورشليم I_icon_minitime26/8/2011, 1:12 am

إقامة لعازر والدخول إلى أورشليم

الميتروبوليت إيروثيوس فلاخوس

نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
================================

عندما حان زمان المسيح ليتألّم من أجل الجنس البشري، دخل أورشليم حيث استقبله اليهود الذين كانوا ينتظرونه استقبال الظافرين. هذا الاستقبال مرتبط بمعجزة إقامة لعازر الذي كان قد رقد ودُفن قبل أربعة أيام. اليهود، المحبطين من مختلف الأوضاع الاجتماعية والذين كانوا يتطلعون إلى مجيء المسيّا، ظنّوا أنّه هو القائد المنتَظر لإسرائيل. لكن ينبغي الإشارة إلى أنّ هذه التوقعات المسيانية كانت ممتزجة بالنزاعات للتحرر الوطني والحقوق القومية.

إنّ إقامة لعازر ودخول المسيح الانتصاري إلى أورشليم مرتبطان بشدة، ولهذا لا نستطيع أن نفسّرهما منفصلين. بالطبع إنّهما يُحسَبان كعيدين مختلفين بين الأعياد السيدية الإثني عشر. مع هذا، سوف نعالجهما كعيد واحد. علاوة على ذلك، نحن ننظر إلى البعد الليتورجي للخدمتين، لأننا في عيد إقامة لعازر، أي السبت الذي قبل الشعانين، نرتل الطروبارية: "أيها المسيح الإله، لما أقمت لعازر من بين الأموات قبل آلامك، حققت القيامة العامة، لذلك ونحن كالأطفال، نحمل علامات الغلبة والظفر، صارخين إليك يا غالب الموت، أوصنا في الأعالي، مبارك الآتي باسم الرب". في كلا العيدين يُرَنَّم للمسيح ويُمَجَّد كغالب للموت. السعف التي نحملها في ذلك اليوم هي رموز للظفر والغلبة في إقامة لعاز التي هي نموذج لقيامة المسيح كما للقيامة العامة لكل الشعوب. سوف نشرح أولاً ما يتعلّق بإقامة لعازر ومن ثمّ نتكلّم عن دخول المسيح إلى أورشليم.

1.
يورد لنا الإنجيلي يوحنا رواية إقامة لعازر (يوحنا 1:11). إنها إشارة إلى قيامة المسيح، وأيضاً نموذج للقيامة العامة والمجيء الثاني، هذا ما يعطيها معنى أكبر. يمكن تقسيم هذا النص إلى ثلاث نقاط أساسية. أولاً، رسالة المسيح إلى تلاميذه عن مرض لعازر ومن ثم إعلان موته. ثانياً، لقاء المسيح بأختي لعازر اللتين كانتا تنوحان لموت أخيهما. ثالثاً، الإقامة العجائبية للعازر. نجد الكثير من الحقائق المهمّة بين كل هذه الأحداث، كمثل أن المسيح هو القيامة، وأن الكلّ سوف يقومون في اليوم الأخير، وغيرها.. لن نتمكن من التطرق إليها كلّها بالتفصيل.

النقطة هي أنّ الكنيسة تحتفل بحدث إقامة لعازر على أنّه تأكيد للقيامة العامة. لذلك ننشد في طروبارية العيد: "أيّها المسيح الإله، لمّا أقمتَ لعازر من بين الأموات قبل آلامك، حققتَ القيامة العامة". بهذا أكّد لنا المسيح أنّه سوف يقيم كل البشر، ليس فقط الأبرار، بل الجميع وسوف يُقَدَّمون إلى كرسي المحاكمة الرهيب الذي للمسيح.

إن وجود المسيح الضابط الكل أمام القبر والموت، صوته الآمر الذي على أثره عادت نفس لعازر إلى جسده الميت، إعادة إحياء جسد لعازر الميت وحضوره حياً إلى بيته مع عائلته، كلّها نماذج لما سوف يحصل عند المجيء الثاني للمسيح. في الحقيقة، قد أنجز المسيح هذه المعجزة كإشارة "إلى قيامة الأجساد العامة" (القديس كيرللس الإسكندري).

بالطبع، هناك فارق جوهري بين قيامة لعازر وقيامة الشعوب في المجيء الثاني. فلعازر، بعد قيامته لم يكن جسده روحياً، بل قام بجسده الذي كان قبل موته، بكل المعالم التي تميزه من الفساد وقابلية الموت، وبالتالي كان بحاجة إلى الطعام وغيره من الأمور الضرورية للمحافظة على الحياة البيولوجية. يظهر هذا من أن مات مجدداً. في أي حال، عند المجيء الثاني، فالأجساد عندما تُقام، سوف تكون روحية لا حاجة لها إلى الغذاء ولا النوم ولا الطعام ولا الشراب.

تظهِر لنا إقامة لعازر أن المسيح، الذي أنجز هذا العمل العظيم بألوهيته، قادر أيضاً على إقامة البشر في اليوم الذي يحدده. فهو الله القدير القوي.

2.
كان لعازر صديقاً للمسيح، بحسب ما يظهر من الرواية الإنجيلية، وليس هو فقط بل وأختاه أيضاً. إن محادثة مريم ومرثا مع المسيح وعلاقتهما به تظهران الإلفة. لقد أرسلت أختا لعازر رسالة إلى المسيح: "يَا سَيِّدُ، هُوَذَا الَّذِي تُحِبُّهُ مَرِيضٌ" (يوحنا 3:11). تظهر محبة المسيح لكل العائلة من الآية: "وَكَانَ يَسُوعُ يُحِبُّ مَرْثَا وَأُخْتَهَا وَلِعَازَرَ" (يوحنا 5:11). عندما تحدّث المسيح عن موت لعازر وصفه بالحبيب، وليس حبيبه وحده بل حبيب كل التلاميذ "لِعَازَرُ حَبِيبُنَا قَدْ نَامَ" (يوحنا 11:11). عندما لاقت مريم يسوع بدموع، بكى لألمها وللكلمات التي قالتها له. عندها قال اليهود: "انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ يُحِبُّهُ!" (يوحنا 36:11). بعد إقامة لعازر حضر المسيح إلى العشاء الذي أعدّوه في منزلهم (يوحنا 1:12-3).

يظهر من كل هذه المقاطع أنّ المسيح أحبّ لعازر وأختيه كثيراً. يصف القديس أندراوس الكريتي لعازر بأنّه مبارَك، لأنّ المسيح، الذي هو المحبة بذاتها، قد أحبّه. وعندما يقول بأنّه ليس من عجب في أنّ المسيح أحب كثيراً المرأتين، مرتا ومريم، فهو قد أتى إلى العالم ليدعو جميع البشر إليه، وقد أحبّ بشكل خاصّ أولئك الذين قد حققوا الإدراك. هذا يعني أن مرتا ومريم، اللتين ترمزان إلى العمل وإلى معاينة الله، كما سوف نرى في مكان آخر، قد تخطتا العنصر الحسّي، وأحبتا بشكل كامل وحقيقي. وهكذا فقد كانت محبوبتين جداً عند المسيح.

في البداية أعلِم المسيح من مريم ومرتا بأنّ لعازر مريض. يتحدّث القديس كيرللس الأورشليمي عن وقاحة المرض الذي تجرّأ حتّى على الناس الذين أحبهم الله. بالتأكيد، هذا طبيعي بعد عصيان الإنسان لله وارتداده عنه، لكن مع ذلك، كما يظهر في كل نصوص الكتاب المقدس والآباء، حتى القديسون الذين اتحدوا بالله كانوا يصابون بقوة المرض.

إذاً، بما أن المسيح عرف بموت لعازر، كونه إلهاً، أعلن الحدث لتلاميذه: "لِعَازَرُ حَبِيبُنَا قَدْ نَامَ" (يوحنا 11:11). لقد سمّى الموت نوماً، لأنّ، بالحقيقة، الموت المؤقّت للجسد هو نوم لا يتطلّب من المسيح، الذي هو الحياة الحقيقية، أكثر من إيماءة لينتهي. إلى هذا، يسمّي المسيح الموت نوماً، لأن المسيح لم يكن يريد أن يتلفّظ بكلمة "الموت"، وذاك بالضبط لأنّه خلق الإنسان لعدم الفساد (القديس كيرللس الإسكندري).

إن أصدقاء الله الذين يعيشون تركيبتهم الجسدية وظروفهم الخاصة في الحياة هم عرضة للفساد والموت لأنهم يلبسون أثواب جلدية. بالتأكيد، إن كرب الموت لا يتملّكهم، لأنّهم غلبوه بقوة المسيح، ولكن مع هذا فالموت هو حقيقة. إنّهم يتقبّلون من خلال صداقتهم مع المسيح بذار عدم الموت منذ الآن. بعد رقادهم العظيم يتخطّى جسدهم أيضاً قابلية فساده، لأنّ رفات أغلب القديسين لا تفسد، ولا تخضع للبلى، بل عند المجيء الثاني سوف تقوم من الفساد.

3.
يظهر سر التدبير الإلهي أيضاً في موت لعازر وقيامته، كما في كيفية عمل طبيعتي المسيح. عندما أشرنا إلى عيد ميلاد المسيح بالجسد، فقد كان لنا أن نتحدّث عن طبيعتي المسيح، وقد حللنا بالتحديد عبارات المجمع المسكوني الرابع "من دون تغير ولا تشوش ولا انقسام". "من دون تغير" تعني أن أيّاً من الطبيعتين الإلهية والبشرية لم تتغيّر ما يعني أنّه لا الطبيعة الإلهية صارت بشرية ولا البشرية خسرت صفاتها المميّزة وصارت إلهية. لم تخسر أي من الطبيعتين خاصياتها المميزة. "من دون تشوش" تعني أنّه لم يكن هناك أي تشوش بين قوى الطبيعتين. الطبيعة الإلهية تقوم بكل الأمور الإلهية والطبيعة البشرية تقوم بكل ما هو بشري. "من دون انقسام" تعني أن الطبيعتين لم تفترقا أبداً وعندما كان المسيح يقوم بما هو إلهي، كانت طبيعته البشرية تتبع، وعندما تعمل الطبيعة البشرية كانت الإلهية تتعاون. لكي يقدّم الآباء هذه الحقيقة، يقولون بأنّ كل طبيعة عملت "في شركة مع الأخرى".

كيف تعمل الطبيعتان من خلال ما يبدو في حالة لعازر. كرجل، بكى المسيح لموت صديقه لعازر، لكن كإله أقامه بقوته الإلهية. سوف ننظر أيضاً إلى بعض الأوجه الأخرى لهذه الأحداث والمرتبطة بموت لعازر وقيامته. لم يتحدّث المسيح عن الموت عند إعلانه موت صديقه لعازر، بل تحدّث عن رقاد، بينما حين تحدّث لاحقاً عن موت لعازر فلم يصفه بالصديق. إنه يتحدّث عن موت لعازر لكنّه أيضاً يعبّر عن قراره الذهاب لإقامة صديقه. بحسب القديس اندراوس الكريتي، هذا ليس مجرد مثال عن التدبير، بل أيضاً دليل على الأصالة. لأن الأصالة أذعنت للصفات البشرية وكل ما يرتبط بالحواس بداعي ما قد اتُّخِذ، والتدبير اختصر الصفات الإلهية وصفات القوة الإلهية، أيضاً بداعي ما قد اتُّخِذ. وهكذا، فإن السلطة والقدرة الإلهيتين أخضعتا كل الصفات البشرية، والتدبير اختصر وقلّص الصفات الإلهية، لأن المسيح اتّخذ الطبيعة البشرية. إنّ kenosis ابن الله وكلمته هو سر عظيم.

في عرض أحداث لقاء المسيح مع مريم أخت لعازر، يقول يوحنا الإنجيلي أن المسيح بكى (يوحنا 35:11). بحسب الأناجيل، يسوع بكى مرتين: الأولى أمام موت صديقه لعازر والثانية عندما كان متّجهاً إلى أورشليم (لوقا 41:19). أظهرَت دموع يسوع طبيعتَه البشرية، وأنّه بالفعل اتّخذ كامل طبيعة البشر. بهذه الطريقة يظهر المسيح ليس فقط أنّه كان إلهاً كاملاً بل أيضاً إنساناً كاملاً.

بمعزل عن هذا، المسيح بكى أمام موت لعازر لرؤيته فساد الطبيعة البشرية بعد الخطيئة ودخول الموت والشكل الكريه للصورة (أندراوس الكريتي). لم يُكوَّن الإنسان ليموت، لكنّ الخطيئة أدخَلَت قابلية الموت. وحده المسيح، خالق الإنسان والنموذج الأوّل لخليقته، عرف كيف كان الإنسان عند خلقه ومدى الدناءة التي انحدر إليها بالخطيئة. ولكن حتّى عندما كان يبكي على أورشليم إذ فكّر بالأمور الآتية، فقد أظهر حنوّاً وخاصّة أنّه لم يرِد لسكانها أن يعانوا الموت بسبب ما كانوا مزمعين أن يعملوه له. لقد بكى أيضاً على تحجّر قلب أورشليم أو بالأحرى على تحجّر قلب سكانها (القديس ثيوفيلكتوس).

إلى جانب البكاء، أحسّ المسيح باضطراب في مواجهة موت لعازر كما لرؤية أسى مريم. يقول القديس يوحنا الإنجيلي أنّ المسيح اضطرب، عندما رأى مريم تبكي ومعها اليهود الحاضرين "فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ تَبْكِي، وَالْيَهُودُ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَهَا يَبْكُونَ، انْزَعَجَ بِالرُّوحِ وَاضْطَرَبَ" (يوحنا 33:11). ينبغي الانتباه كثيراً عند تفسير هذه الآية، لأنّ هنا يختبئ مرة أخرى سرّ قوة الطبيعتين في المسيح. علينا أن نقارب هذه الآية من خلال التحليل التفسيري للقديس كيرللس الإسكندري. إن سبب معاناة المسيح الإنسان هو أنّه ليس فقط إلهاً بالطبيعة، بل وإنسان أيضاً. عندما يبدأ المسيح بالتحرّك نحو ذلك الأسى الذي يجلب الدموع، هو يؤنّب جسده نوعاً ما بقوة وفعل الروح الكلي قدسه. يرتجف الجسم البشري، ينزعج وستشوّش، لأنّه لا يستطيع تحمّل حركة الألوهة المتّحدة بجسده البشري. إلى هذا، بتجسده، هَدَف المسيح إلى إماتة ضعف الجسد بقوة الروح القدس وإلى تحرير الطبيعة البشرية من فكرها الأرضي.

لقد اتّخَذ المسيح الجسد الهامد والقابل للموت لكي يحرّر الإنسان من ملابسه الجلدية التي لبسها منذ عصيان آدم. وتماماً كما أنّه كان جاع وعمل كإنسان، أيضاً اختبر جلبة الأهواء. تماماً كما عملَت الأهواء غير المعابة في المسيح، لأنه كان إنساناً، أيضاً الأهواء التي لا عيب فيها، تلك التي للنفس العاقلة، أي التي تتشوّش بالذاكرة والتذكّر، كانت ناشطة لأنّه كان ذا طبيعة بشرية حقيقية.

ما يثير اهتمامنا أيضاً هو أنّ المسيح سأل عن مكان وضع لعازر: "أَيْنَ وَضَعْتُمُوهُ؟" (يوحنا 34:11). لم يطرح المسيح هذا السؤال لأنّه، كإله، لم يكن يعرف مكان دفن لعازر. إذا كان الذين يحيون بالمسيح يعرفون الكثير من الأمور قبل حدوثها لأنّ النعمة الإلهية تكشفها لهم، فكم بالحري سوف يعرف المسيح كلّ شي؟ كإله هو يعرف ليس فقط ما جرى، بل ما سوف يكون قبل أن يتحقق. لقد ادّعى المسيح أنّه لا يعرف مكان جسد لعازر الميت ليظهر فقر بشريته وعبوديتها، kenosisـه الإلهي، لكي يظهر كرهه للتبجح، وأيضاً ليدعو آخرين إلى المكان حيث سوف تتمّ المعجزة (القديس كيرللس الإسكندري).

قبل معجزة إقامة لعازر صلّى المسيح إلى أبيه: "«أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ، لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي»" (يوحنا 41:11-42). بهذه الكلمات أظهر يسوع أنّّه مساوٍ لأبيه لأنّ الآب أرسله وهو يحقق المعجزات بإرادته. بالطبع ينبغي أن نلاحظ هنا وجود مجلس سابق لإعادة خلق لعازر على غرار المجلس الذي سبق خلق آدم، لكن مع وجود فرق. ففي الماضي قال الآب للابن "لنصنعن الإنسان" والابن سمع، بينما الآن يتكلّم الابن إلى الآب الذي يسمع. وهكذا نرى تساوي الآب والابن في المشيئة والشرف (القديس غريغوريوس بالاماس). إذاً، هذه الصلاة كانت من أجل اليهود كي يفهموا أنّه أتى من الآب، وأنّه ابن الآب، وأنّ له نفس مشيئة الآب وطبيعته (القديس أندراوس الكريتي).

فيما تبدو كلمات الصلاة كأنّها للجمع المحيط، فإن الكلمات التي سُمعَت، أي "لعازر هلمّ خارجاً" لم تكن كلمات صلاة بل كلمات سيادة وسلطان. كان بإمكان المسيح أن يقيم لعازر من دون أن يناديه بصوت عالٍ، فقط بمشيئته وعن بعد. نداؤه بصوت عالٍ "لعازر هلمّ خارجاً" (يوحنا 43:11-44) كان من أجل الجمع. هذا كان لكي يؤمن كل الحاضرين بأنّه هو الذي يدعو كل الأشياء إلى الوجود من العدم ويشكّلهم بقوته، وهذا ينبغي برهانه بواسطة كل الحواس. وهكذا، رأى اليهود لعازر في القبر بأعينهم، بأنوفهم شمّوا رائحة الموت البشعة، بلمسهم رفعوا الحجر وفكوا رباطات الجسد والكفن عن الوجه، وبآذانهم فهموا قوة المسيح وقدرته المطلقتين (القديس غريغوريوس بالاماس).

يظهر من خلال كل هذه الأمور أن المسيح كان إلهاً-إنساناً، أي إلهاً كاملاً وإنساناً كاملاً، ذا طبيعتين، عملتا من دون تغيير أو تشويش أو انقسام. كما يظهر في معجزة إقامة لعازر سيادة المسيح وسلطانه، وأيضاً اتضاعه من أجل خلاص الجنس البشري.

4.
أقام المسيح ثلاث أشخاص في أوقات مختلفة. الأول كان ابنة ياييرس، وقد تمت مباشرة بعد موتها. الثاني كان ابن أرملة نايين، وقد أقامه أثناء حمل الجثمان إلى القبر، والثالث كان لعازر وقد تمّت المعجزة في اليوم الرابع لموته. يقول الإنجيلي يوحنا: "فَلَمَّا أَتَى يَسُوعُ وَجَدَ أَنَّهُ قَدْ صَارَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ فِي الْقَبْرِ." (يوحنا 17:11). وعندما أمرهم لاحقاً بإزاحة الحجر عن القبر حيث كان لعازر مدفوناً، قالت أخته مرثا: "«يَاسَيِّدُ، قَدْ أَنْتَنَ لأَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ»" (يوحنا 39:11). لا تشير هذه المقاطع فقط إلى أنّه قد مضى أربعة أيام على خروج نفسه من جسده، بل أيضاً إلى أنّ جسده قد بدأ يتحلّل. ومع هذا، فإن المسيح بقوّته، لم يكتفِ بإعطاء الأمر لنفسه للعودة بل أيضاً شفى الجسد وجدّده. إذاً، في الحقيقة لدينا إصلاح وتجديد لأن التحلّل الذي بدأ قد شُفي.

إن لإقامة لعازر بعد أربعة أيام من موته أسبابها إذ إن المسيح لم يقُم بأي عمل من دون سبب وهدف. أشار الآباء في تعليقاتهم على هذه الأحداث إلى الأسباب الرئيسية من دون أن يظهروا وكأنّهم استنفذوا الموضوع. أولاً كان ينبغي أن يؤمن اليهود بأنّ القادر على إقامة ميت لأربعة أيام قادر على إقامة نفسه بعد ثلاثة أيام (القديس أندراوس الكريتي). ثم أنّه مع مرور الوقت من يوم الوفاة تزداد قوة المسيح عجباً (القديس أندراوس الكريتي). إلى هذا، بما أنّ تحلل الجسد قد بدأ، فإن إظهار المعجزة سوف يكون أكثر إدهاشاً لأن المسيح يكون قد كبح اندفاع البلى (القديس أندراوس الكريتي). وبما أن إقامة لعازر هي مقدمة للقيامة العامة، أقام المسيح لعازر في اليوم الرابع لكي يؤكّد القيامة العامة بكل العناصر الأربعة التي تشكّل جسد الإنسان (القديس كيرللس الإسكندري).

يظهر من كل هذه الأشياء أن المسيح يشير بهذه الطريقة إلى قيامة الأجساد. إن الذي استطاع أن يقيم جسد لعازر المنتن المائت قبل أربعة أيام، قادر على إقامة أناس انحلّت أجسادهم بعد خروج نفوسهم. إلى هذا، تُدعى قيامة الأجساد الآتية إعادة ولادة وتجديد لأنها موضوع خليقة جديدة، ليس أنه سوف يكون للأجساد هيئة آخرى، بل فيما سوف تكون على الهيئة نفسها سوف تتخلّص من الفناء والفساد لأنّها سوف تكون أجساداً روحية

5.
يأتي بموازاة ما سبق تفسير القديس اندراوس الكريتي للآية "لعازر هلمّ خارجاً" (يوحنا 43:11) حيث يركّز الحدَث في نقطتين.

أولاً، بأن المسيح بهذا الكلام أمر لعازر أن يقوم ليظهر كيف ستكون القيامة العامة وكيف سوف تُعطى الحياة لكل هيئة "بطرفة عين". أنّ لعازر بدأ بالحراك وخرج من القبر، هذا تماماً ما سوف يحدث لكل الناس في المجيء الثاني. إن الذي قال "ليكُن نور" فكان نور، يأمر "هلمّ خارجاً". وبالحقيقة، حسب ما بقول القديس أندراوس، نلاحظ أن أموراً غريبة جرَت للعازر: جسده اكتسب قوة فيما كانت كل وظائفه متوقفة. من ثمّ نرى أنّ التنفّس بدأ من منخريه، راحت عروقه تمتلئ بالدم، عاد صوته إلى بلعومه، بدأت الكلمات لتملأ أذنيه، استعادت عيناه القدرة على النظر، بدأ السير بطريقة طبيعية، وبالإجمال عاد الجسد لينتظم ويعمل بشكل نظامي، ذلك لأن النفس عادَت.

ثانياً، بهذا الأمر طلب من صديقه لعازر أن يقوم ليرى كل الأمور الغريبة والمتناقضة ظاهرياً التي سوف تتمّ في أورشليم في تلك الأيام. يظهِر الحدث يسوع متكلماً إلى لعازر بصفة المخاطَب قائلاً له أنّ عليه أن يقوم لكي يراه يُصلب مع اللصين، يشرب الخلّ والعلقم، يُطعَن في جنبه بالسيف، يُعَذّب تحت نور الشمس وفي نصف النهار، والليل يخفي الشمس واليهود يجدفون واللص ينطق بأمور الله.

إذاً كان ضرورياً تأكيد القيامة العامة في لعازر، كما كان ينبغي شهادة الأحداث البغيضة التي سوف تجري في أورشليم. الأموات الذين أقيموا كانوا ليؤكّدوا عقوق الإنسان وشرّه. ومع أنّ المسيح أقام لعازر أي أنّه أتمّ الأمور الأكثر أهمية، فهو قد أمر بأن يحلّ رباطه، كون لعازر كان مربوط اليدين والرجلين برباطات بيض فيما وجهه ملفوف بكفن على طريقة دفن الأموات في تلك الأيام. أمر المسيح كان واضحاً: "حُلُّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ" (يوحنا 44:11).

لم يكن هذا الحدث بلا سبب ولا هدف. بهذا العمل جعل المسيح اليهود الحاضرين شهوداً على الحدث. وبهذه الطريقة تأكّدوا هم بأنفسهم من خلال البرهان الذي بين يديهم بأنّ ما جرى لم يكن خيالاً. كان على اليهود أن يحلّوه وان يتركوه يمشي بنفسه، حتى يستوعب الكل أن الجثة السابقة، الفاسدة بالواقع، لم تكن بحاجة إلى إمساكها باليد لأنها أعطت حياة جديدة (القديس أندراوس الكريتي).

تشير عبارة "حلوه ودعوه يذهب" إلى نجاة الإنسان من فساد الخطيئة عند القيامة العامة. من خلال الخطيئة غُطّي وجهنا بشكل ما بغطاء العار وكُبِّلنا بشباك الموت. عند الجيء الثاني، سوف تقوم أجسادنا وسوف نتحرّك متحررين من الفساد والشرور. وهكذا فإن كلمة النبي ملاخي سوف تتحقق: "وَلَكُمْ أَيُّهَا الْمُتَّقُونَ اسْمِي تُشْرِقُ شَمْسُ الْبِرِّ وَالشِّفَاءُ فِي أَجْنِحَتِهَا، فَتَخْرُجُونَ وَتَنْشَأُونَ كَعُجُولِ الصِّيرَةِ." (ملاخي 2:4). إذاً، هذه الكلمات عن يسوع تعني قيامة البشر العامة حين يتخلّصون من الفساد والموت (القديس كيرللس الإسكندري).

أبعد من هذا، يكشف المسيح هنا قدرة السلطان الإلهي، وأيضاً القدرة البشرية، حتى تصبح كل الأشياء إلهية-بشرية. أقام المسيح لعازر بقوة ألوهيته، لكن كان ينبغي بالبشر أن يحلّوه، وكان ينبغي بلعازر أن يمشي. لا يأخذ الله مكان الإنسان، لكنه يقوم بما يعجز الإنسان عن القيام به، فيما ينبغي بالإنسان أن يكون سريع الاستجابة لقوة الله. إذا لم تتبع غيرتنا القيامةَ الروحيةَ التي تتمّ من خلال أسرار الكنيسة التي هي بحد ذاتها من عطايا المسيح، فإن نعمة المسيح سوف تخفيها الأهواء وسوف يموت الإنسان مجدداً.

6.
أعطى آباء الكنيسة أيضاً تفسيراً مجازياً لحدث إقامة لعازر والأمور المرتبطة به. بحسب هذا التفسير، لعازر هو النوس الممات بالخطيئة. أختا لعازر، مرتا ومريم، هما العمل والمعاينة. عندما يهمد نوس الإنسان، يمضي العمل (مرتا) للقاء المسيح والطلب منه أن يأتي ليلتقي نوسها الميت، والمعاينة (مريم) التي كانت قبلاً جالسة في المنزل، تتبعها وهكذا تأتي إلى المسيح وتنوح أمامه. يقيم المسيح النوس الميت للإنسان، ومن ثمّ هناك عشاء عظيم، حيث لعازر الذي كان ميتاً (النوس) هو أحد رفاق المسيح، فيما مرتا (العمل) تخدم هذا العشاء ومريم (المعاينة) تمسح رجلَي المسيح بزيت كثير الثمن (يوحنا 1:12-3).

هذا يعني أنّ قبل قيامة النوس الميت، يقترب العمل من المسيح أولاً ومن ثم المعاينة، بينما بعد قيامة النوس الميت، فالعمل يخدم المسيح بينما تعبّر المعاينة عن المحبة والشركة معه من خلال قوى عطرة متعددة. يقول القديس غريغوريوس بالاماس، مكرراً كلمات القديس مكسيموس المعترف، بأن النوس الذي ابتعد عن الله يصبح إمّا وحشاً بريّاً مملوءاً من الأهواء أو شيطاناً معروفاً بغطرسته. ويقول القديس كيرللس الإسكندري أنّه عندما يموت نوس الإنسان علينا أن نقترب من المسيح بالاعتراف وبجسدنا المادي ونفسنا المتواضعة لنلتمسه، كما فعلت مريم ومرتا. عندها يعطي المسيح أمره لصلابة القلب كي ترتفع من القبر وينادي بصوت عظيم بوق الإنجيل ليخرج من ارتباكات العالم ويحلّ رباطات الخطيئة حتى نتمكن من الحركة بقوة نحو الفضيلة.

في عرض تفسيري آخر، يخبرنا القديس كيرللس الإسكندري أن مرتا هي الفضيلة العملية بنما مريم هي معاينة الله التي تتبع العمل. بالعمل والمعاينة نظهر بشكل أكثر كمالاً محبتنا للمسيح. هناك أيضاً أناس يرون أن هاتين الأختين كما إشارة إلى الكتاب المقدس، مرتا هي مثال للعهد القديم الذي يخدم المسيح، بينما مريم هي مثال لتعليم الإنجيل. وعلى المنوال نفسه، هناك العديد الذين يرون أن مرتا تعني مجمع اليهود الذي يريد أن يخدم المسيح بالأعمال الجسدية، بينما مريم هي مثال للأمميين الذين في الكنيسة الذين يجلبون التقدمات الروحية والإيمان العطِر إلى الله ويتقدّسون ببركة جسد الكنيسة من خلال الشركة السرية.

كثيرون من الآباء القديسين يقدمون هذا التفسير المجازي لحدَث إقامة لعازر. سوف أذكر هنا فقط القديس نيكيتا ستيثاتوس الذي يوافق مع ما يقوله القديس كيرللس الإسكندري. في أي حال، هناك طروبارية تشير إلى هذا الحدث وهي تُنشَد يوم الجمعة قبل الشعانين وتقول: "هلمّ نسارع في أن نوجّه للمسيح ابتهالاً مقرنين العمل والثاوريا معاً لكي يحي عقلنا الكيت كلعازر آخر وينهضه بحضوره الرهيب ونقدم له سعف العدل هاتفين نحوه مبارك أنت أيها الآتي". كما أن هناك طروبارية أخرى ننشدها يوم الأربعاء قبل الشعانين وهي تقول بوضوح أن مرتا ومريم هما الوسيطتان اللتان ينبغي أن نرسلهما إلى المسيح ليأتي ويقيم نوسنا الميت العادم الحسّ النائم في قبر الإهمال والذي لا يحسّ بخوف الله وليس فيه قوة محيية.

7.
لقد سبق وأشرنا في البداية أن عيد إقامة لعازر مرتبط بشدة بدخول المسيح الغالب إلى أورشليم. إن إقامة لعازر هي مثال لقيامة المسيح بعد ثلاثة أيام وللقيامة العامة للجنس البشري، وفوق هذا، لقد تمّ الاستقبال الانتصاري للمسيح في أورشليم بالضبط لأن اليهود تعجبوا من هذا الحدث المذهل.

يشير القديس كيرللس الاسكندري في عظته في أحد الشعانين إلى العلاقة بين هذين العيدين السيديين كما إلى الفرق بينهما. فهو يقول أن بالأمس، في سبت لعازر، احتفلت بيت عنيا، بينما اليوم في أحد الشعانين فالكنيسة كلها تبتهج بحضوره الإلهي. بالأمس وهب المسيح الحياة للعازر واليوم هو يقترب من الموت. بالأمس أقيم الذي كان مائتاً لأربعة أيام واليوم هوذا الذي سوف يقوم بعد ثلاثة أيام آتٍ إلى أورشليم.

تماماً كما أن هناك وحدة بين كل أعياد السيد، يمكن إيجاد الوحدة، مع الفرق، بين بيت لحم وبيت لاعنيا، أي بين ميلاد المسيح وبيت عنيا – أورشليم. آنذاك كانت في بيت لحم مريم وسالوما، والآن في بيت عنيا هناك مرتا ومريم. هناك نرى المسيح ملفوفاً بأقمطة، هنا نرى لعازر مكفناً برباطات بيضاء. هناك مذود، وهنا قبر. هناك هيرودس وأورشليم يهتزان لميلاد المسيح، وهنا أورشليم تتعكّر والفريسيون يحرضون الشعب عند إقامة لعازر. هناك الرعاة يتعجّبون، هنا الكهنة يسخطون. هناك الحكماء يسجدون للمسيح مقدمين الهدايا، هنا الشعب معادياً الرب يقوم ضد المسيح. هناك الأطفال الذين قتلهم هيرودس يبكون مقدمين أناشيد جنائزية، وهنا الشعب مع الأطفال في المقدمة ينشدون نشيد الظفر للمسيح. تُظهِر كل هذه الأمور جنون اليهود الذين احتجّوا عند ظهور المسيح بالجسد والآن ينشدون له المدائح عند صلبه.

فعلاً حين ظهر المسيح في العالم سبّب اهتياجاً واضطراباً عظيمين. لم يستطع البشر تحمّل ظهور الله بينهم. لقد كانت البشرية مجروحة بعمق من الخطايا حتى أن حضور المسيح المتواضع جداً سبّب ألماً عميقاً، تماماً كما يفعل الجرح عندما نقترب منه ونلمسه حتى ولو للعلاج. لقد كان جرح البشرية كلها عظيماً. بسبب هذا، يقدّم المسيح نفسه بتواضع كبير ولا يرغب في أن يعطي فرصة كبيرة لجنون البشر وألمهم. فضلاً عن ذلك، هذا هو سبب أن المسيح دائماً يظهر بشكل مستور ويستتر بشكل ظاهر. وحدهم الروحيون أصحاب القلب الحسّاس يتعرّفون عليه.

8.
بالرغم من هتافات الشعب عند أقامة لعازر وتوقعاتهم من المسيح، فإن "المجيء الملكي" (القديس كيرللس الاسكندري) أي دخول المسيح إلى أورشليم مثل ملك، قد تمّ بتواضع عميق جداً. يرد وصف الأمور التي جرت عند دخول المسيح إلى المدينة حيث، بعد أيام قليلة، سوف يحتمل عذابات كثيرة وبالنهاية سوف يُصلَب ويقوم عند كل الإنجيليين (متى 1:21-11، مرقس 1:11-10، لوقا 28:19-41، يوحنا 12:12-16).

إن دخول المسيح إلى أورشليم، كمثل كل الأحداث السيدية، تنبأ بها الأنبياء في العهد القديم. لقد تنبأ زخريا: "اِبْتَهِجِي جِدًّا يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ، اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ، وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ. 10وَأَقْطَعُ الْمَرْكَبَةَ مِنْ أَفْرَايِمَ وَالْفَرَسَ مِنْ أُورُشَلِيمَ وَتُقْطَعُ قَوْسُ الْحَرْبِ. وَيَتَكَلَّمُ بِالسَّلاَمِ لِلأُمَمِ، وَسُلْطَانُهُ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ، وَمِنَ النَّهْرِ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ." (زخريا 9:9-10).
إن حضور المسيح هو حضور محبة للجنس البشري وليس للدينونة العادلة ولا للعقاب. صار المسيح إنساناً وأتى إلى أورشليم بصورة خادم، كعريس وكحمل لا عيب فيه مُقَدَّماً كضحية، بتواضع عظيم كقطرة تسقط على جُزّة الصوف وبهذه الصورة المتواضعة حطّ المقتدرين عن عروشهم ورفع المتواضعين (القديس كيرللس الاسكندري). كما أنّ العريس يأتي إلى عرسه، لا بسلطان وقوة، بل بتواضع ومحبة، هكذا أيضاً أتى المسيح إلى البشر. علاوة على ذلك، لا يمكن ربط المحبة بالحكم والتسلّط.
المسيح هو ملك إسرائيل الجديدة، إسرائيل نعمة الله. لكن ليس لحكمه علاقة بالمجد والمظهر العالميين. إن حكمه هو مملكة المحبة والاتضاع. لا يأتي المسيح إلى أورشليم وإلى التاريخ مثل الملوك والقادة الآخرين، إنه ليس صانع شر قاسياً مصحوباً بالحرّاس وحاملي الرماح، ولا هو يتبعه جنود نهّابون يطالبون الناس بالضرائب والأعمال والخدمات التي تؤذي وتذل. إن راية المسيح هي التواضع والفقر والضعف (القديس غريغوريوس بالاماس).

في تعليقاتهم على دخول المسيح إلى أورشليم، كان للآباء نظرة زمانهم الاعتيادية، عندما كان الملوك والقواد المنتصرون يدخلون إلى المدن بسلطان وقوة عظيمين. لكن لم يكن للمسيح ذاك النوع من السلطان ولا هو رغب في فرض نفسه على الناس بهذه الطريقة. لهذا يقول القديس أبيفانيوس القبرصي أن المسيح كان بلا صولجان ولا أبواق لا بل ظهر في منتهى الفقر. لم يكن محمولاً على الأسلحة والتروس والحراب على الطريقة التي كان يُكَرَّم بها الحكام الأرضيون في ذلك الزمان، بل قد ظهر في فقر شديد. لم يكن معه رجال مسلّحون ولا تروس ولا رايات مطعّمة بالذهب ولا خوذة ولا درع، بل كان معه الاعتدال المفرط والبراءة غير المحدودة والهدوء الذي يتخطى القياس.

لم يكن اتضاع المسيح فضيلة اصطناعية خارجية، بل تعبيراً عن محبته وبساطته. إن ذاك البسيط بالطبيعة كان محبّاً ومتواضعاً في الوقت نفسه. لهذا فإن تواضع المسيح مدموجاً مع بساطته ومحبته هو في الحقيقة قوته غير المخلوقة التي تأتي من طبيعة الألوهية البسيطة. بناء على ذلك عندما يُمنَح القديسون أن يروا المسيح في مجده، فهم يؤسَرون بمحبته وتواضعه. المسيح وديع ومتواضع القلب على ما ذكر هو مرةً.

9.
إن تواضع المسيح، بحسب ما يعلّق الآباء، يظهر من حقيقة أنّه أتى إلى أورشليم "راكباً على جحش". يكتب القديس يوحنا الإنجيلي: "وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ" (يوحنا 14:12). القديس الإنجيلي متى يقول أن التلاميذ أحضروا جحشاً وأتاناً إلى المسيح "وَأَتَيَا بِالأَتَانِ وَالْجَحْشِ، وَوَضَعَا عَلَيْهِمَا ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِمَا." (متى 7:21). يقول الإنجيلي لوقا أن المسيح ركب على الأتان وليس على الجحش.

لا يوجد أي تضاد بين الإنجيليين، كما يشرح القديس ثيوفيلاكتوس. المسيح دخل إلى أورشليم راكباً على أتان جحش. أحضر التلاميذ الأتان إلى المسيح، لكن أمه تبعتهم. عندما يقول الإنجيلي متّى أن المسيح ركب عليهما، فهو لا يعني أن المسيح جلس على الحيوانين في الوقت نفسه مقدماً شرحين لهذا الأمر. أولاً، أنّه ركب عليهما يعني أنّه جلس على كلا الحيوانين، فينبغي تفسيرها على أنه ركب على الجحش أولاً ومن ثم على الأتان، ما يرمز إلى أنّه ارتاح أولاً على الهيكل اليهودي ومن ثم على الأمم الآتين من الوثنيين.

لهذا العمل رمزيته، بحسب ما يشرح مفسرو نصوص الإنجيل. يقول إفثيميوس زيفاغنوس أن المسيح ركب على الأتان الذي هو مثال لشعوب الأمم، وعلى الحمار الذي هو رمز للشعب اليهودي. هذا يعني أنّه منذ أن أُعلِن المسيح للأمم وارتاح فيهم، فإن اليهود سوف يتبعون سوف يجدون بدورهم الإيمان المسيحي.

إذا اعتبرنا أن كلا الجحش والأتان يشيران إلى الأمم، فإن ركوب المسيح على الحمار يعني أنّه أتى ليبدد تجوال الوثنية غير العقلي، وركوبه على الجحش يعني أنّه أتى ليكبح النزوة غير العاقلة التي كانت عند الوثنيين نحو الكفر. إذ ليس هناك ما هو أكثر لاعقلانية من الكفر ولا أحد أكثر فسقاً وتمرداً من الوثنيين الذن يعبدون الأوثان الجامدة (القديس نيقوديموس الأثوسي).

هذا الحدث أيضاً تناولته نبوءة في العهد القديم. البطريرك يعقوب، مشيراً إلى ابنه يهوذا الذي منه انحدر المسيح، ومتنبئاً عن تجسد ابن الله وكلمته، قال من بين جملة أمور: "رَابِطًا بِالْكَرْمَةِ جَحْشَهُ، وَبِالْجَفْنَةِ ابْنَ أَتَانِهِ، غَسَلَ بِالْخَمْرِ لِبَاسَهُ، وَبِدَمِ الْعِنَبِ ثَوْبَهُ." (تكوين 11:49). يظهر في هذه النبوءة أن المسيح هو الكرمة وتلاميذه هم الجفنة، أيّ ما يسمّى بالمقصّ الذي به يُجرَح غصن الكرمة حول الخشب ويُثبَّت جيداً، الذي به ربط المسيح إلى نفسه أتان الجحش أي إسرائيل الجديدة التي من الأمم (القديس غريغوريوس بالاماس). بكلام آخر، التلاميذ الذي هم أغصان كرمة المسيح جذبوا الأمم إلى إيمان المسيح ووحدوهم مع الكرمة الحقيقية التي هي المسيح نفسه.

بحسب الأناجيل الإزائية (متى ومرقس ولوقا)، لقد ارسل المسيح تلاميذه إلى القرية المقابلة حيث يجدون "جحشاً مربوطاً وأتاناً معها" وأخبرهم أن يفكّوا الحيوانين ويحضروهما إليه. في تفسير هذا الحدث، يقول القديس أثناسيوس الكبير، أن القرية المقابلة هي العالم الأرضي، لأن الحياة السماوية هي مدينة، أي الفردوس الذي منه سقط آدم بالخطيئة. لا يستطيع أحد غير المسيح أن يقودنا إلى هذا المكان الذي منه طُردنا. الجحش والأتان هما كل البشرية. الأتان هو آدم الذي ربطه الشيطان بمكره. الحمار، السلوك غير الطاهر، هو الأمم الذين يلوثون أنفسهم بالأوثان ويلطّخون أنفسهم بالدم النجس. أرسل المسيح تلاميذه إلى كل البشرية ليقودوا اليهود والأمم إليه وإلى الكنيسة التي تنشأ وتتكوّن من اليهود والأمم. إن حلّ هذين الحيوانين المحددين والناس الذين يشير إليهم الحيوانان هو قضية رجال عظماء، ليس بالعظمة المادية، بل بالإيمان والمحبة والعدل والحكمة والشجاعة والفضيلة. هؤلاء هم الرسل الذين أرسلهم إلى العالم ليبشّروا ويشكّلوا كنيسة المسيح.

إن تلاميذ المسيح، الرسل، حلّوا كل الأمم من الظلام الذي هو جهل الله، ومن الضياع ومن الخطيئة التي هي العبودية لما هو غريب، ومن قوة ظلام رئيس هذا الدهر وقادوهم إلى الرب صانعهم وخالقهم. واليوم يجلس المسيح عليهم ويهديهم (تيطس أسقف بوسترون).

قال المسيح لتلاميذه، عندما أرسلهم ليحلّوا الأتان، أنّهم إذا التقوا برجل يسألهم عما يفعلون فعليهم أن يجيبوا بأن المسيح يريد الأتان. في الحقيقة، عندما حلّوا الأتان، قال لهم بعض الحضور: "فَقَالَ لَهُمَا قَوْمٌ مِنَ الْقِيَامِ هُنَاكَ:«مَاذَا تَفْعَلاَنِ، تَحُلاََّنِ الْجَحْشَ؟» 6فَقَالاَ لَهُمْ كَمَا أَوْصَى يَسُوعُ. فَتَرَكُوهُمَا." (مرقس 5:11-6). يظهر هذا العمل قوة المسيح السيادية، لأنه يوجّه العالم، ولا يستطيع أحد أن يقف في وجه إرادته. ليس فقط أن كل شيء قد خُلق به، بل أيضاً كل شيء محكوم بقوته غير المخلوقة.

إذا فكّرنا، بحسب تفسير الآباء، بأن الأتان هو البشرية التي حُلَّت من رباطات الخطيئة، فإن الحاضرين هم السلطات الذين، في مجمل الأحوال، لا يستطيعون أن يقاوموا أمر المسيح. ولكن القديس أثناسيوس الكبير يشرح أنّهم يركضون مباشرة إلى رئيسهم أي الشيطان ويخبرونه بكل ما يجري. عندها، ينعقد مباشرة مجلس وتتكوّن "كنيسة من المتأذّين" ضد المسيح. فيقولون للشيطان بأن شيئاً يجب أن يتمّ، لأن الأتان اقتيد إلى معلمه، ولم يعد ملكه وليس له عليه أي سلطان. يتأمّل الشيطان ملياً في ماذا يفعل، وهكذا يحض الفريسيين والكتبة على الشروع بقتل المسيح. لكن البائسين لا يعلمون أن موت المسيح يمنحنا عدم الموت وأن نزوله الخاص إلى الجحيم يقرّب صعودنا إلى الملكوت.

10.
يتّجه الملك داود النبي إلى الله ويقول: "صِرْتُ كَبَهِيمٍ عِنْدَكَ. وَلكِنِّي دَائِمًا مَعَكَ. أَمْسَكْتَ بِيَدِي الْيُمْنَى. بِرَأْيِكَ تَهْدِينِي، وَبَعْدُ إِلَى مَجْدٍ تَأْخُذُنِي." (مزمور 22:72-24). هنا يعبّر داود عن اقتناعه بأنّه يضع نفسه في تصرّف الله، لأن ثقته كاملة بأنّه سوف يقوده في أفضل الطرق. يكيّف القديس أندراوس الكريتي هذا المقطع من المزامير على الحالة التي ندرسها الآن، أي كما أنّ الأتان من دون مقاومة تبع التلاميذ الذين حلّوه وقادوه إلى المسيح، كذلك الإنسان عليه أن يصبح حيواناً وديعاً مثل الأتان في بساطة إرادته. على الإنسان أن يخضع نفسه من دون مقاومة إلى الذي تسلّم الإرشاد الروحي بالمسيح، وبهذا صار أتان المسيح محرراً من كل لاعقلانية بهيمية. فمن ثم لن يذعن لضغط التجارب، ولن ترهقه الأهواء غير العاقلة، بل يكون أتاناً للمسيح سائراً على غلاف من المآثر العملية محمولاً فوق لذّات الجسد دائساً على الانتفاخ الفارغ للمجد الباطل، وهكذا سوف يصبح "مركبة تحمل عرش الشاروبيم".

إن الذي ابتعد عن المسيح يصير متوحشاً، لأنه يصير مُلكاً للأهواء غير العاقلة وسبل الجسد ويخضع نفسه لأهواء الإنسان القديم. لكنّه عندما يكتسب تواضعاً كمثل المسيح وينبذ الاعقلانية، يصير عندها مركبة للمسيح. هذا هو تفسير آية المزامير "صِرْتُ كَبَهِيمٍ عِنْدَكَ."

يعلّم القديس أثناسيوس الكبير أن كلاّ منا هو مثل الأتان المقيّد برباطات الخطيئة. لذلك علينا أن نسأل المسيح أن يرسل تلاميذه ليحلّوا القيود. الأول مربوط بحب المال، الثاني متورط في الدعارة، الآخر مربوط بالشراب، وغيره مستقوٍ بالتفاهة، واحد غير عادل، وآخر يستولي على خيرات جاره وخيرات الفقير، وآخر يقبض رُباً، وبالإجمال كلّنا سقطنا بظلمنا. لهذا السبب كلنا نحتاج شفاء بالمسيح المخلّص "ونحتاج أن يرسل تلاميذه إلينا ويحلّنا من رباطات الشيطان".

عندما يصبح الإنسان مثل الحيوان، إذا استسلم بدون مقاومة لتلاميذ المسيح، يُقاد بالسلامة إلى المسيح الشافي، الذي يشفيه من كل ضعفاته، ويصير هو عرشاً لله. لذلك علينا أن نكون حيوانات عاقلة تتقدّس بالمسيح.

11.
يظهر دخول المسيح الاحتفالي الانتصاري إلى أورشليم وابتهاج اليهود في أنهم فرشوا ثيابهم أمام المسيح ليمرّ عليها. هذا كان عادة في دخول الملوك والقواد المنتصرين. يظهر في الأناجيل أن فرش الثياب تمّ بطريقتين. أولاً، الرسل فرشوا ثيابهم على الأتان الذي جلس عليه المسيح، ومن ثم بعض اليهود فرشوا ثيابهم على الأرض حيث سوف يمر الأتان الحامل المسيح. "فَأَتَيَا بِالْجَحْشِ إِلَى يَسُوعَ، وَأَلْقَيَا عَلَيْهِ ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِ. وَكَثِيرُونَ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ." (مرقس 7:11-8).

إن ثياب الرسل التي فُرشَت على الأتان هي فضائل الرسل التي جلس عليها المسيح. بحسب القديس ثيوفيلاكتوس، هذا يعني أنّه إذا لم تتجمّل نفس الإنسان بالفضائل الرسولية، لا تستطيع أن تحمل الله. الحياة الرسولية هي شرط مسبَق لمجيء المسيح إلى قلب الإنسان وسكناه فيه. وجوب أن نفرش ثيابنا ليس سوى أن نخضع جسدنا ورغباتنا للروح، لأن فقط بهذه الطريقة نحن نُمنَح أن نسجد لآلام المسيح ولقيامته المجيدة (القديس غريغوريوس بالاماس). أبعد من فضائل الرسل، الثياب التي فُرشَت على الأتان تظهِر أيضاً النعمة التي أُعطيَت للرسل. فبهذه الطريقة أيضاً أسسوا كل الأمم في المسيح (تيطس أسقف بوسترون). لن يكون الرسل قادرين على القيام بكل هذا العمل لو لم يُعطَوا نعمة المسيح وقوته.

يحفظ الإنجيلي لوقا تفصيلاً مميِزاً جداً لفكره. فهو يقول بأن التلاميذ فرشوا ثيابهم على الأتان، حيث أجلسوا المسيح، ولاحقاً فيما سار المسيح، فرشوا ثيابهم على الطريق "وَفِيمَا هُوَ سَائِرٌ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ." (لوقا 36:19). في شرحه لطرح الرسل ثيابهم تحت قدمي الأتان، يقول القدس أثناسيوس الكبير، أن ما طرحوه هو دراسة الأخلاق. إن هذه المواضيع الأخلاقية التي للدرس هي وصايا الله "لا تزنِ لا تقتل، لا تسرق، لا تشهد بالزور، أكرم أباك وأمّك". رمى الرسل ثيابهم على الطريق حتى لا نمشي على الأرض، أي حتى لا تسيطر علينا أهواء أجزاء النفس الشهوانية والغضبية. علينا أن ننتبه ألاّ نطأ على الأرض، لأن ثياب الرسل أي وصايا المسيح مفروشة هناك. بعد أن نقوم بهذا الجهد، علينا أن نرتفع أكثر، أي بدل أن نتكئ صدرنا على الأرض علينا أن نتكئ على صدر المسيح على غرار ما فعل يوحنا الإنجيلي. فمن ثم لن نجرّ قدمينا على الأرض بل سوف نمشي في الملكوت. واضح هنا أنّه يعني الفضيلة العملية والتأملية، لأن من خلال الممارسة علينا أن نجاهد لتطهير قلوبنا ومن خلال معاينة الله نرتفع إلى الشركة معه.

إن خلع الرسل لثيابهم ورميها أمام المسيح ليمرّ عليها، بمعزل عن الأمور الأخرى، يعني أن كلّ المستحقين لإنشاد المدائح للمسيح عليهم أن يخلعوا الإنسان القديم ويخضعوا للمسيح. فمن ثمّ يدخل المسيح فيهم ويقدّسهم، فلا يقوم جسدهم فيهم ضد الروح (القديس ثيوفيلاكتوس).

12.
لقد كان فرح اليهود بدخول المسيح إلى أورشليم غير محدود فكانوا يصرخون "أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! مَلِكُ إِسْرَائِيلَ!" (يوحنا 13:12). يقول الإنجيلي متى أنّ "الْجُمُوعُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ قَائِلِينَ:«أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!" (متى 9:21). وبحسب الإنجيلي مرقس كانوا يصرخون "أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! 10مُبَارَكَةٌ مَمْلَكَةُ أَبِينَا دَاوُدَ الآتِيَةُ بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!" (مرقس 9:11-10). ويرد عند الإنجيلي لوقا أن الجموع كانت تصرخ: "مُبَارَكٌ الْمَلِكُ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! سَلاَمٌ فِي السَّمَاءِ وَمَجْدٌ فِي الأَعَالِي!" (لوقا 38:19-39).

الفكرة الأساسية في كل هذه التهليلات هي نفسها، لكن الكلمات تتغيّر، إذ إنّ الجموع كانت تصرخ من دون أي توجيه، كما يحدث عادةً في الحالات المماثلة، وبالتالي فقد سجّل كل من الإنجيليين ما سمع أو ما نُقِل إليه بما فيه من الفروقات. الحقيقة هي أن المسألة هي مسألة صيحة نصر ومجد، لأن الأغلبية كانت ترجو أن المسيا قد أتى، وهو سوف يحررهم من عبوديتهم للرومان. لقد كانوا ينتظرون أن يكون حاكماً دنيوياً سوف يمنحهم حريتهم القومية.

إن كلمة "أوصنّا" في العبرية تعني "خلّص، أنا أصلّي" (القديس نيقوديموس الأثوسي). إنها تأتي من مزمور داود الذي كان اليهود يعرفونه جيداً لأنهم كانوا ينشدونه في المجامع: "آهِ يَا رَبُّ خَلِّصْ! آهِ يَا رَبُّ أَنْقِذْ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ. بَارَكْنَاكُمْ مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ. الرَّبُّ هُوَ اللهُ وَقَدْ أَنَارَ لَنَا" (مزمور 25:118-27). يمكننا القول أنّ اليهود كانوا يستعملون جملة ليتورجية في ذلك الظرف. أيضاً يمكن تفسير "أوصنّا" بـ"نعمة الله" (ماكاريوس خريسوكافالوس). لا يوجد هناك تفسيرمضاد، لأن الله يخلّص بنعمته. إذاً، "أوصنّا" هي نشيد مُقَدَّم إلى الله ومعناه "خلّصنا"، و"في الأعالي" تُظهِر أن المدائح تُنشَد إلى المسيح ليس فقط على الأرض بل ايضاً في الأعالي من الملائكة (القديس غريغوريوس بالاماس).

إن لكلمة "مبارك" عندما يشير بها البشر إلى الله معنى مختلف عن العكس، أي عندما يشير بها الله إلى الناس. حول مسألة كيف للناس أن يباركوا الرب غير المخلوق، فيما ينبغي أن يكون الأمر على الشكل الآخر، يقول القديس نيقوديموس الأثوسي أن كلمة "مبارك" في الكتاب المقدس هي ذات معنى وتضمين مزدوجين. إنها تُستَعمَل لتشير إلى القداسة التي تخرج من الله وهو الذي يعطيها للبشر بحسب القول: "وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابعَ وَقَدَّسَهُ" (تكوين 3:2). فوق ذلك، تُستَعمَل كلمة "مبارك" للإشارة إلى تمجيدنا لله وشكرنا له، على غرار ما يرد في مزمور داود: "بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَكُلُّ مَا فِي بَاطِنِي لِيُبَارِكِ اسْمَهُ الْقُدُّوسَ." (مزمور 1:103)، والذي يحمل معنى التمجيد والشكر.

يقول القديس يوحنا الذهبي الفم أنه ليس الله فقط يبارك الإنسان، بل الإنسان أيضاً يبارك الله إنّما بطرق مختلفة. عندما يبارك الله الإنسانَ يجعله أكثر إشعاعاً، فيما يزداد الإنسان إشراقاً عندما يبارك اللهَ. وهكذا، سواء قلنا أن الله يبارك الإنسان أو الإنسان يبارك الله يعود الربح إلى الإنسان لأن الإلهي بلا حاجة.

لهذه الترنيمة الليتورجية معنى خريستولوجي عميق لأنّها تظهر طبيعتي المسيح. تشير جملة "أوصنّا في الأعالي" إلى طبيعة الله السامية، بينما تشير جملة "مبارك الآتي باسم الرب" إلى جوهر البشرية، إلى ذرية إبراهيم التي باركها الله، لأن من خلالها يأتي الخلاص لجنس البشر (تيطس أسقف بوسترون). تشير كلا الطبيعتين متحدتين في شخص المسيح إلى الله ألوهيته الصائرة بشراً، أي أنه إله وإنسان، ذو طبيعتين في أقنوم واحد وشخص واحد.

لقد نادى اليهود "أوصنّا يا ابن داود" (متى 9:21). لقد سمّوه ابن داود لأنهم عرفوا من نبوءات العهد القديم أن المسيح سوف يأتي من نسل داود. لقد أعطى الله كلمته لداود: "أَقْسَمَ الرَّبُّ لِدَاوُدَ بِالْحَقِّ لاَ يَرْجعُ عَنْهُ: «مِنْ ثَمَرَةِ بَطْنِكَ أَجْعَلُ عَلَى كُرْسِيِّكَ." (مزمور 11:132). لقد استنار الشعب في تلك اللحظة بالروح القدس فتذكروا المزمور وفهموا أن المسيح هو المسيا الموعود لخلاصهم (القديس نيقوديموس الأثوسي).

إذاً، بعد إقامة لعازر، رأى الملائكة سريّاً والبشر رأوا علناً جلالَ الله، وبالتالي امتلؤوا ابتهاجاً وصاحوا بنشيد النصر هذا، ممجدين المسيح على أنه المسيا الذي انتظروه ليخلّص الجنس البشري ويهب عدم التغيّر للملائكة أيضاً. بشكل خاص، بدأ الملائكة يفهمون جلال الله. فحتى الملائكة هم خلائق الله وبالتالي هم لا يعرفون المستقبل ولا الأمور التي ليسوا بحاجة إلى معرفتها. لقد عرف الملائكة وتأكّدوا من قيامة آدم إذ رؤوا المسيح يقيم ابن الأرملة وابنة قائد المئة، وخاصةً عندما رأوا إقامة لعازر الذي كان قد تحلّل وبدأ يذوب ويأكله الدود. عندما رأى الملائكة أن الإنسان قد قام بالرغم من انحلاله وسيطرة الأبالسة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nabay.ahlamontada.com
fr.boutros
Director-General
fr.boutros


ذكر
عدد المساهمات : 3017
تاريخ التسجيل : 18/11/2009

إقامة لعازر والدخول إلى أورشليم Empty
مُساهمةموضوع: بقية الموضوع   إقامة لعازر والدخول إلى أورشليم I_icon_minitime26/8/2011, 1:27 am


{هذه بقية الموضوع }

عليه اندهشوا وتعجّبوا ولهذا أنشدوا "أوصنّا" (تيطس أسقف بوسترون).

بهذه الترنيمة يُمتَدَح المسيح كغالب للموت. لا يمكن مقارنة انتصار الجنود وغلبتهم على القوات الأرضيين بانتصار المسيح على الشر والموت. من هنا فرادة هذا النشيد.

13.
بالرغم من أن كل الشعب على الطريق كانوا ينشدون المدائح للمسيح صارخين "أوصنّا"، فرؤساء الكهنة والكتبة كانوا غاضبين عندما دخل الهيكل وطرد مَن كانوا يشترون ويبيعون وشفى الأعمى والمُقعَد اللذين كانا هناك. ما أثار غضبهم بوجه خاص هو صراخ الأطفال في الهيكل "أوصنّا يا ابن داود". لقد اعترض رؤساء الكهنة والكتبة على المسيح فأجابهم: "ألم تقرؤوا «من أفواه الأطفال هيّأتَ تسبيحاً»" (متى 15:21-16).

كما يظهر من تذكير المسيح، لقد تحدثت نبوءة من العهد القديم عن إنشاد الأطفال للتسابيح وهي من عند النبي داود: "مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ أَسَّسْتَ حَمْدًا بِسَبَبِ أَضْدَادِكَ، لِتَسْكِيتِ عَدُوٍّ وَمُنْتَقِمٍ." (مزمور 2:8). وبالفعل فإن الأطفال في براءتهم أنشدوا المدائح في الهيكل وليس على الطريق. لقد أظهر الأطفال أنهم لاهوتيون عظيمون ونشيدهم كان لاهوتياً بالرغم من افتقادهم للعلم وللخبرة (القديس غريغوريوس بالاماس). إنه بالحقيقة لمنظر غريب وفائق الطبيعة، أن يظهر أطفال ورضَّع بين يدي أمهاتهم، يمسك واحدهم صدر أمه بيد وسعفة النخل بالثانية ، وما هو أكثر من هذا، بيد يرضع الحليب من صدر أمه وبالأخرى يسكب العقيدة الثابتة (القديس كيرللس الإسكندري). كان الروح القدس يحرّك ألسنة الأطفال وأفواههم بقوّته ومقدرته وبدونه لما كان ذلك ممكناً.

الحقيقة الأكثر مفارقة هي أن الأطفال كانوا ينشدون المدائح للمسيح على أنّه إله، فيما آباؤهم، رؤساء الكهنة والكتبة، كانوا يجدّفون عليه. يقدّم القديس كيرللس الإسكندري ملاحظات مهمّة تشير إلى هذا الفرق. فهو يقول أن الأطفال تعرّفوا إلى رب الخليقة بالطبيعة، بينما أثبت آباؤهم عقوقهم. الأطفال أنشدوا المدائح للرب فيما آباؤهم صلبوه. أنشد الأطفال "أوصنّا" فيما صرخ آباؤهم "فليُصلَب". لقد ظهر الفتية والجهّال حكماء فيما أُعمي الحكماء. رمى الأطفال ثيابهم أمام المسيح ليعبر، فيما تقاسم الآباء ثياب المسيح. استقبل الأطفال المسيح بسعف النخل، فيما أتى آباؤهم بالسيوف. الأطفال باركوا فيما جدّف آباؤهم. الأطفال كالخراف استقبلوا الراعي فيما الآباء كالذئاب افترسوا الحمل. الفرق هو تعبير عن الاختلاف في حالة نفوسهم لأنّ الروح القدس يعمل في القلوب النقية الخالية من الغرور، فيما لا يستطيع أن يعمل في القلوب القاسية.

إن نشيد الأطفال والرُضَّع هو بالحقيقة نشيد شعب الله الناشئ المكوّن من أطفال القلوب. الرسول بولس يعلّم المسيحيين في كورنثوس: "أَيُّهَا الإِخْوَةُ، لاَ تَكُونُوا أَوْلاَدًا فِي أَذْهَانِكُمْ، بَلْ كُونُوا أَوْلاَدًا فِي الشَّرِّ، وَأَمَّا فِي الأَذْهَانِ فَكُونُوا كَامِلِينَ." (1كورنثوس 20:14). ممكن للإنسان أن يكون كالأطفال والأولاد في فكره أو في قلبه. على المسيحيين أن يكونوا كالأطفال في قلبهم وليس في فكرهم الذي ينبغي أن يكون كاملاً وبالغاً. يكون القلب كالأولاد بالطهارة ورفض كل الأفكار الشريرة.

يعلّم القديس غريغوريوس بالاماس المسيحيين في رعيته: "لنكن أيضاً أيها الإخوة أطفالاً في الشر، الشبان منا والكبار، المبتدئين مع الذين بدؤوا". عندما يكون المرء طفلاً بما يتعلّق بالشر يتقوّى بالله ويمسك بجوائز النصر والغلبة، ليس فقط على الأهواء الشريرة، بل أيضاً على الأعداء المنظورين وغير المنظورين ويكون مبتهجاً بكل معونة ملائمة.

14.
لم تكتفِ الجموع فقط بالصراخ والإنشاد للمسيح كإله، بل حملوا أيضاً سعف النخل بأيديهم. يكتب بوحنا الإنجيلي: "وَفِي الْغَدِ سَمِعَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ الَّذِي جَاءَ إِلَى الْعِيدِ أَنَّ يَسُوعَ آتٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ، 13فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ" (يوحنا 12:12-13). يشير الإنجيليون الآخرون إلى أنهم قطعوا أغصاناً من الشجر وفرشوها على الأرض (متى 8:21، مرقس 8:11).

يذكّر المشهد باستقبالات قائد عالمي غلب أعداءه. يرد في وصف انتصار سمعان المكابي: "دخل اليهود... بتهليلات حاملين سعف النخل، على أصوات القيثارات والصنوج..." (1مكابيين 51:13). لكن أيضاً، القديسون الذين رآهم يوحنا الإنجيلي منتصبين أمام عرش الله كانوا متسربلين بثياب بيض " وفي أيديهم سعف النخل" (رؤيا 9:7).

يظهر من الشهادات المتوفرة لدينا أن الكنيسة تكرر هذا المشهد الانتصاري في أورشليم حيث يكون هناك ابتهالات مع سعف نخل، ويسير الناس إلى جبل الزيتون حيث الأسقف، كونه صورة المسيح، يركب على حمار. يُشار إلى الزياح بسعف النخل في عدة قطع من خدمة أحد الشعانين. بحسب القديس أبيفانيوس، للإشارة إلى سعف النخل يستعمل اليونانيون كلمة مصرية تعني غصن البلح. حتى الآن يحملها اليونانيون بأيديهم في هذا اليوم ليس فقط كرمز لاستقبال المسيح بل أيضاً كرمز لوجود الفضائل. فالمسيحيون مستعدون لاستقبال المسيح القائم بعد فترة الأربعين يوماً من النسك والصلاة والصوم.

ينصح القديس كيرللس الإسكندري المسيحيين بألا يكتفوا بحمل السعف بأيديهم بل ايضاً بأن يمتلكوا سعف نفوسهم المرتبطة بتجريدها من الثياب الجلد القديمة وطرد كل غرور ونزوة. ينصحنا القديس أندراوس الطريتي بألاّ نفرش الطريق حيث سوف يمرّ المسيح بأغصان الزيتون والسعف وغيرها من الأشياء، بل بقدر الإمكان أن نفرش أنفسنا بتواضع النفس واستقامة الإرادة حتى نستقبل الكلمة ونحوي الله، الذي لا يسعه مكان، في داخلنا. وفي مكان آخر يقول القديس أندراوس أن علينا أن نظهر للمسيح حياة فاضلة بدلاً من السعف. علاوة على ذلك، أغصان الزيتون هي الأيدي الممتدة طالبة الرحمة والحنو.

أخيراً، ينبغي ألاّ تكون السعف التي يحملها المسيحيون مجرّد مظاهر من مظاهر للعبادة، بل شيئاً أكثر عمقاً، لأنها تعني العمل الروحي والعملي والمتبصّر والنقي الذي يقوم به الإنسان الداخلي، على ما يقول تيطس أسقف بوسترون. في الحقيقة، أعمال الإنسان الروحية لا تشير فقط إلى الفعل، بل أيضاً إلى التبصّر ومعاينة الله. تشير سعف النخل إلى مجمل العمل الروحي للإنسان المتعطّش إلى امتلاك الغلبة على الموت.

15.

تبدأ إحدى طروباريات صلاة غروب أحد الشعانين: "اليوم نعمة الروح القدس جمعتنا. وكلّنا نرفع صليبك ونقو مباركٌ الآتي باسم الرب. أوصنّا في الأعالي". يعطي القديس نيقوديموس الأثوسي سبباً لهذه الطروبارية، وهذا السبب يحمل ما يكفي من الدلالات. فهو يقول أن بعض الآباء القدماء الذين كانوا في الأديار، بعد أن عيّدوا عيد القديس أنطونيوس الكبير (17 كانون الثاني)، خرجوا من أديارهم ومضوا إلى الصحارى والجبال والكهوف ومكثوا هناك في السكينة المقدسة والصوم والصلاة إلى عيد الشعانين. ففي الأسبوع الذي يسبق هذا العيد تجمّعوا ليحتفلوا بالآلام والصلب والقيامة. تشير طروباريات عديدة إلى هذا الأمر. فيقول في إحداها "يا معشر الذين في البراري والجبال والمغاور، هلمّ فالتئموا معنا حاملين السعف لاستقبال الملك والسيّد لأنّه آتٍ ليخلّص نفوسنا". فلهذا السبب هم ينشدون "اليوم نعمة الروح القدس جمعتنا."

يظهر هذا الأمر أن الاحتفال الخارجي بالأحداث لا يكفي، بل هناك حاجة لمقاربة كيانية داخلية. الصلاة والسكينة واليقظة هي استعداد مناسب لمقاربة هذه الأحداث بشكل صحيح وللاحتفال بطريقة إلهية وليس وثنياً. لهذا رتّبت الكنيسة فترة خمسين يوماً تبدأ بأحد الفريسي والعشار. تشير الأحداث إلى خلاص الإنسان وتفترض استعداداً مناسباً.

إنّ إقامة لعازر ودخول المسيح الانتصاري إلى أورشليم هما إشارة إلى رجاء القيامة العامة ودخول المسيح إلى قلب الإنسان الطاهر. ينبغي الاّ يكونا حدثين خارجيين بل عيدين داخليين. يقول تيطس أسقف بوسترون: "فلنكن لله مركبة مقدسة بدلاً من المهر القذر، حتى يحلّ فينا ويكون لنا الملكوت إلى الأبد".

انتهى
إقامة لعازر والدخول إلى أورشليم 800838
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nabay.ahlamontada.com
 
إقامة لعازر والدخول إلى أورشليم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قداس سبت إقامة لعازر الصدّيق
» مجمع أورشليم
» الصعود إلى أورشليم
» سبت لعازر
» سبت لعازر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
رعية رئيس الملائكة ميخائيل + نابيه + أبرشية جبل لبنان :: ( 10 ) الأعياد السيدية...( المشرفة: nahla nicolas) :: آحاد زمن التريودي الفصح المجيد-
انتقل الى: