georgette ادارية
عدد المساهمات : 3446 تاريخ التسجيل : 06/02/2010
| موضوع: القدّيس مــتِّـــيّــا الرسول 1/8/2011, 7:03 pm | |
| القدّيس مــتِّـــيّــا الرسول
"فقـال بطـرس: ينبـغي إذًا أن يُعيَّـن واحدٌ من الرجـال الذين اجتمعـوا معنا في كلّ الزمان الذي دخل وخـرج الـربّ يسوع بيننـا، منـذ معموديـّة يوحنـّا إلى اليـوم الذي فيه ارتـفع عنّا ليكون شاهدًا معنا بقيامتـه. فقدّموا اثنين: يوسف المسمّى برسابا الملقـّب البارّ، ومتّيّا. وصلّوا وقـالـوا: أيّها الربّ العارف قلـوب الجميع أظْهرْ أيَّ هذين الاثنين اختـرتَ، لكي يستخلف في هذه الخدمة والرسالة التي سقط عنها يهوذا ليذهب إلى موضعـه. ثـمّ أَلقـوا القُـرعـة بينهما فوقعـت القُـرعـة على متّيّا فأُحصي مع الرسل الأحـد عشر" (أعمال الرسل 1: 21-26).
تُحيي الكنيسةُ تذكار القدّيس متّيّا الرسول في التاسع من شهر آب. والرسول متّيّا، الذي يعني اسمه في العربيّة "عطيّة الله"، متحـدّر من عائلـة يهوديـّة مرمـوقـة من عائلات بيـت لحم. وكان من جماعـة الاثنين والسبعين رسولاً الذين تبعـوا الربّ يسوع أثنـاء بشارتـه. وتقـول سيـرتـه إنّـه انطلق إلى الكـرازة بالبشرى الجديدة في فلسطين، ثمّ ذهب إلى بلاد الحبشـة حيث استُشهد. لكنّ بعض الشهادات القديمـة تُفيد أنّ متّيـّا قد استُشهد في فلسطين رجمًا على أيـدي اليهود بداعي "مخالفتـه الشريعـة الإلهيـّة".
قبل اختيار متّيّا وقف القدّيس بطرس الرسول في وسـط الإخوة المائـة والعشرين المجتمعين في العلّيّة التي فيها شاركوا في العشاء الأخير، والتي كانـوا ما يـزالون يُقيمون فيهـا خوفـًا من اليهـود، وذكّرهم بخيانـة يهـوذا الإسخـريـوطيّ الذي لم يستحـقّ حظّه في الخدمة الرسوليّة. ثمّ طلب إليهم، مستندًا إلى الآيـة: "لتصر دارهم خرابًا، ولا يكن فيها ساكن، وليأخذ وظيفـتـه آخر" (مزمور 109: 8)، أن يختاروا واحدًا منهم لكي يحلّ مكان يهوذا. أمّا المائة والعشرون فكانوا، بالإضافة إلى الأحد عشر والاثنين والسبعيـن، مريم والدة الإله وإخوة يسوع والنسوة اللواتي تبعن يسوع في اليهوديّة والجليل.
ما هي وظيفة الرسول الأساسيّة التي أشار إليها بطرس في خطبته؟ هي ليست مجرّد وظيفة، بل هي خدمة ورسالة يمكن إيجازها بقول بطرس إنّ الرسول ليس سوى "شاهد معنا بقيامة الربّ يسوع من بين الأموات". يحدّد بطرس الشروط الواجب اكتمالها في المرشّحين لهذه الخدمة، وهي أن يـكـونـوا ممّن عاشوا مع الجماعـة الرسوليّة الأولى، ورافقوا الربّ يسوع بطريقة متواصلة، منذ المعموديّة حتّى القيامة والصعود. إذًا، على الرسول الجديد المختار أن يكون عرف الربّ يسوع والرسل، وجال معهم في مختلف محطّات بشارته، وسمع عظات يسوع وتعاليمه، وشاهد آياته وعجائبـه، وأن يكـون من شهود قيـامتـه.
الرسول هو، إذًا، الشاهد على قيـامـة الربّ يسـوع. لم يكن مطلوبًا من الرسل أن يشاهدوا حدث القيامة نفسه، لكنّ المسيح جعلهم بعد قيامته شهودًا له حين ظهر عليهم مـرّات عديدة. وقد قال إشعيـا النبيّ إنّ على شعب الله أن يكون شاهدًا لله أمام الأُمم فيُعلن وقائع الخلاص والظهـورات التاريخيّـة: "أنتم شهودي" (إشعيا 43: 10). يستعيـد يسـوع الكلمات عينها، فيُسبـغ عليها قيمة جديدة حين يتوّجه إلى الرسل في فقرة هامّة أَوردها القدّيس لوقا الإنجيليّ: "أنتم شهود على ذلك". وهذا يعني أنّ يسوع أتمّ نبوءات العهد القديم بآلامه وقيامته، وفتح أذهان التلاميذ ليفهموها. وهذا يلتقي مع ما قاله القدّيس بولس الرسول الذي دعاه الله إلى أن يكون رسولاً، واختاره لكي يُعلن رسالته: "من بولس عبد يسوع المسيح المدعوّ لكي يكون رسولاً المفروز لإنجيل الله" (رومية 1: 1). فالرسول هو خادم الإنجيل، خادم الكلمة.
صحيح أنّ القدّيس لـوقا الإنجيليّ، كـاتب سفْر أعمال الرسل، يمتـلك نظـرة محدّدة عن الشهادة الرسوليّـة التي تنتـمي بصورة جـوهـريـّة إلى الأحد عشر أو إلى الإثني عشر. غير أنّ القدّيس بولس لم يكـن من جماعـة الاثني عشر، ومع ذلك سمّاه لوقا رسولاً هو وبرنابا، دون سواهما: "فانقسم أهل المدينـة (إيقونية) فكان بعضهم مع اليهـود وبعضهم مع الرسولين (بولس وبرنابا)" (أعمال 14: 4). فبولس يستطيع أن يكون شاهـدًا لأنّه رأى المسيح الممجّد: "فقـال الـربّ أنـا يسوع الذي أنت تضطهده. ولكن قُمْ وقفْ على قدميك فإنّي لهذا تراءَيتُ لك لأَنتخبك خادمًا وشاهدًا بما رأيتَ وبما سأتراءى لك فيـه" (أعمال 26: 15-16). كما يجعـل لـوقـا مـن اسطـفـانُس شاهـدًا للمـسيـح القـائـم مـن بـيـن الأموات: "فرأى مجدَ الله ويسوع واقفًا عن يمين الله" (أعمال 7: 55).
وليست القُرعة المستعملة في هذا الحدث سوى دليل إلى أنّ الله هو الذي انتقى الشخص المختار للانضمام إلى جماعة الرسل. لذلك وجب اللجوء إلى القُرعة كي لا تكون تسمية الرسول الجديد قائمة على اختيار بشريّ، بل على تدخّل إلهيّ. لكنّ هذه القرعة لن تتكرّر في تاريخ الرسل، فحين استُشهد القدّيس يعقوب ابن زبدى، شقيق القدّيس يوحنّـا الإنجيليّ وأوّل أسقف على أورشليم، قتلاً بالسيف على يد هيرودس الملك (أعمال 12: 1)، لم يتمّ اختيار رسول آخر بدلاً منه. رافق القدّيس متّيـّا الربّ يسوع في جولاته التبشيريّـة، وكان وفيـًّا له وأمينـًا على تعـاليمـه، فاختـاره الربّ رسولاً كاملاً. ولم يقتصر عمل متّيّا على التعليم والبشارة، بل شهد بدمه وروحه، فصار رسولاً وشهيدًا يشفع بنا لدى المخلّص الوحيد
المصدر رعيتي عدد 32. سنة ..2011. | |
|