[rtl]( 1 كورنتس 51:15).[/rtl]
[rtl]السّبب الرّئيسيّ لخوفنا من الموت يعود إلى عدم قدرتنا على تبيان الحقيقة الحاضرة ما بعد حياتنا الأرضيّة. ويعبّر هذا الخوف عن جهلنا لما ينتظرنا، فالإنسان يخاف ممّا يجهل، فيتمسّك بما هو عليه. ويندثر هذا الخوف بقدر ما نتحرّر من انغلاقنا على أنفسنا ومحدوديّتنا، وانفتاحنا على كلام الرّبّ، وسعينا لبناء علاقة معه، فنختبره ونترافق معه، ونفهمه. فيمسي الموت مجرّد عتبة نعبر من خلالها إلى قلب الله لنحيا معه إلى الأبد.[/rtl]
[rtl]بالمقابل علينا أن نتخلّى عن كلّ الثّقافات الدّخيلة على الفكر المسيحي والّتي باتت مؤثّرة في حياتنا حدّ الاقتناع بها سواء أكان هذا الاقتناع عن وعي أو عن غير وعي. ما يفقد المسيحيّة خصوصيّتها وحقيقتها. [/rtl]
[rtl]كلّ الأديان تؤمن بحياة ثانية ما بعد الموت، ولعلّها تعتبرها تعويضاً عن النّقص الحياتيّ، فيحيا المؤمنون نوعاً من الاستسلام للواقع مهما كان، ظنّاً منهم أنّه في الحياة الثّانية سيتمتّعون بالنّعيم والسّعادة. ولعلّ هذه النّظريّة استمدّت قوّتها من الواقع الإنسانيّ المرير وعدم قدرة الإنسان على التّغلّب عليه. فأقنع نفسه بالإذعان إلى الواقع والرّضوخ له على أمل التّعويض في حياة أخرى. فما حُرم منه هنا يناله هناك، وما عجز عن تحقيقه هنا يتمّمه هناك. ما يتناقض والفكر المسيحي ويتعارض مع الحقيقة الّتي يعلنها المسيح.[/rtl]
[rtl]" جئت لتكون لهم الحياة، وتكون وافرة" ( يوحنا 10:10). [/rtl]
[rtl]توضّح لنا هذه الآية انتفاء الموت من جهة نهاية الحياة الحتميّة، ليؤكّد على معنى آخر ألا وهو امتداد الحياة واستمراريّتها. كما أنّها تثبت أنّ الحضور الإلهيّ يهب الحياة ولا يفرض الموت. والكيان الإنسانيّ الّذي على صورة الله كمثاله لا يمكن أن يندثر لأنّه يحمل في ذاتيّته قيمة رفيعة ( لنصنع الإنسان على صورتنا كمثالنا). الإنسان صورة الله، والله المحبّة لا يرمي صورته، بل يفتديها ويخلّصها ويمنحها الحياة.[/rtl]
[rtl]تعكس لنا قيامة الرّبّ معنى الموت كنقطة عبور نحو قلب الله لنحيا معه أبداً. فتفسّر لنا ماهيّة الحياة الّتي تبدأ هنا لتكتمل مع الله. ما يعني أنّنا في حالة صيرورة واستمراريّة؛ ننطلق من العالم إلى قلب الله. ويمكننا مقاربة هذه الحالة واقعيّاً بالنّظر إلى الحالة الإنسانيّة الجسديّة الّتي إذا ما فقدت إحدى أعضائها تُبقي على القيمة الإنسانيّة دون اندثارها. إذا ما فقد أحدنا سمعه، أو بصره، أو أي عضو من أعضائه يبقى هو، ويحافظ على شخصيّته وكينونته. كذلك إذا فقد جسده التّرابيّ سيظلّ محافظاً على القيمة ذاتها والكيان ذاته. [/rtl]
[rtl]إذاً فناء الجسد لا يشكّل حتميّة النهاية، بل يتهيّأ لولادة جديدة. [/rtl]
[rtl]" إن لم تقع حبّة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير." ( يوحنا 24:12). وبالتّالي فالموت عمليّة زرع بهدف النّمو وحصد الغلال. " يزرع في هوان ويقام في مجد. يزرع في ضعف ويقام في قوّة. يزرع جسماً حيوانياً ويقام جسماً روحانياً." ( 1 كورنتس 44،43:15).[/rtl]
[rtl]لا يموت الإنسان بل يُرزع في التّراب ليأتي بثمار في قلب الله. ولا تنتهي حياته وتفنى بل تستمرّ في حركة ديناميكيّة أبديّة. " أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟ أمّا شوكة الموت فهي الخطية، وقوّة الخطيئة هي النّاموس." ( 1 كورنتس 56،55:15). الموت الّذي يجب أن نخاف منه هو ذاك الّذي يتأتى عن رفضنا لله، وابتعادنا عنه. فبقدر ما نلتصق بالرّبّ نعاين الحياة الأبديّة الحاضرة فينا فلا نخشى الموت. وبقدر ما نبتعد عنه نهتمّ لحياتنا الأرضيّة، القشرة الهشّة الّتي نتمسّك بها والّتي تتلاشى في لحظة. [/rtl]