madona مشرفة
عدد المساهمات : 910 تاريخ التسجيل : 04/03/2011 العمر : 49 العمل/الترفيه : مدرّسة
| موضوع: ( رجل الله، النّبي إيليا) 18/7/2014, 7:04 pm | |
| الأبرار يتلألأون كالشّمس في مجد الله السّماوي.إيليّا، ( ومعنى اسمه، إلهي هو الله) يظهر لنا في العهد القديم رجلاً يحمل في داخله قلباً متّقداً ومشتعلاً بحبّ الله. وتبيّن لنا أعماله قوّة ثقته بالله، وتحمله هذه الثّقة إلى تحدّي آلهة الأوثان بجرأة، متوكّلاً على الله الحيّ القدير. إيليّا، نبيّ الله الّذي يحمل في فمه كلمة الله، يبلّغها إلى النّاس فينقذهم من موتهم الرّوحيّ ويقودهم إلى الحياة في كلمة الرّبّ الحيّ. ونلاحظ أنّ الرّبّ أرسل النّبي إيليّا في وقت انحرف فيه بنو إسرائيل واتّجهوا إلى عبادة الأوثان، وتجاهل الكلمة الإلهيّة. ولو تأمّلنا في سفر الملوك الأوّل حتّى نهاية الفصل 17، نرى الحالة المزرية الّتي وصلوا إليها ونشعر وكأنّ مكانة الله لديهم لن تتفوّق على عبادة الأوثان. إلّا أنّ الرّبّ الّذي يرعى شعبه، ويقوده أبداً نحو الخلاص، يتدخّل ويرسل إيليّا ليشهد له ويقول كلمته الّتي قد نسيها شعبه. كما يخبرنا الكتاب المقدّس أنّ إيليا عاش زهداً كاملاً، مسلّماً حياته بالكامل لله، غير آبهٍ بالمغريات العالميّة. ممّا يفسّر قدرته على القيام بمعجزات بقوّة الله، إذ إنّه تماهى مع المحبّة الإلهيّة وصارت كلمة الله في فمه حقّاً، ومحبّة الله في قلبه ناراً مشتعلة تنير دربه وتلهم عقله وروحه. ( كان يقضى الكثير من وقته فى البرّيّة 1مل 17 : 5 ، 1 مل 19 )، ( وكان عادة يلبس ثوباً من الشّعر ومنطقة من الجلد على حقويه ( 2 مل 1 : 8 (.ولا يذكر لنا الكتاب شيئاً عن تاريخ إيليّا، فيبدو لنا وكأنّه ومضة إلهيّة وصرخة إلهيّة في زمن الزّنا الرّوحي، والانشقاق الأخويّ والغرق في الخطيئة. ونراه يعلن كلمة الله علناً وبقوّة، لأنّ الشّرّ قد استفحل، وبلغ ذروته. لعلّ أيّامنا اليوم لا تختلف كثيراً عن تلك الحقبة الّتي ظهر فيها النّبي إيليّا. ولعلّنا بدأنا نتناسى شيئاً فشيئاً كلمة الرّبّ، وتجنح أرواحنا إلى آلهة من نوع جديد، تصمّ آذاننا عن سماع الكلمة الإلهيّة وتغلق قلوبنا على محبّتها. إلّا أنّنا اليوم كلّنا أنبياء بيسوع المسيح، ومدعوّون لإعلان الكلمة بقوّة وجرأة، وتذكير الإخوة بأنّ كلمة الله وحدها تعلو فوق كلّ كلمة، وأنّ قدرة الرّبّ تفوق كلّ قدرة. ولعلّ أنفسنا في نزاع بين الإخلاص للرّبّ الإله وبين الإخلاص لأوثان المال، والأنانيّة والحقد والنّفاق والتّشرذم، تماماً كما حصل في الفصل الثّامن عشر من سفر الملوك، حيث تقدم إيليا إلى جميع الشّعب وقال: " حتّى متى تعرجون بين الفرقتين؟ إن كان الرّب هو الله فاتبعوه، وإن كان البعل فاتبعوه، فلم يجبه الشعب بكلمة ". ( 1 مل 18 : 21 ). وكأنّ الشّعب كان يريد الاثنين معاً، الرّبّ الإله والبعل. وهذا أخطر ما يكون أن نجمع في حياتنا الرّبّ الإله مع آلهة من صنعنا، وأن نساوي بينه وبينهم غير مدركين أنّنا نساوي المجد الباطل بالمجد الحقّ، وكلمة الحياة بالهلاك والموت. إنّ اختيار السّلوك في محبّة الله والتّسليم الكلّيّ له هو الوثوق بأنّ مجد الله فاعل في نفوسنا وفي حياتنا، وأمّا اختيارنا لعبادة أوثاننا فهو الانسحاق أمام مجدنا الذّاتيّ بغية الظّهور والتّعالي. إيليّا لم يطلب مجده الذّاتيّ، بل كان أبداً طالباً لمجد الله. ويظهر ذلك في (1 مل 18 : 37 – 38 ): " استجبنى يارب استجبنى، ليعلم هذا الشّعب أنّك أنت الرّب الإله وأنّك أنت حوّلت قلوبهم رجوعاً." ومن طلب مجد الله طلب مجداً وكرامة لإنسانيّته الّتي هي على صورة الله، وليس لإنسانيّته المأسورة في كلّ ما هو فانٍ. ونقرأ في الآية الأولى حتّى الآية الثّامنة من الفصل الثّاني من سفر الملوك الثّاني، وكأنّ إيليّا كان عالماً بساعة انتقاله إلى السّماء، فالإنسان الّذي يعيش حياته في لقاء مستمرّ مع الرّبّ، وفي ارتباط حميميّ ووثيق مع الرّبّ، يعلم في قلبه مجيء السّاعة، فيسمع صوت الرّبّ في داخله بوضوح ويرجو هذا اللّقاء الحيّ مع الحقيقة المطلقة. ولئن كان التّماهي مع المحبّة الإلهيّة تامّاً، رفع الرّبّ إيليّا في مركبة من نار. والنّار رمزت دائماً في الكتاب إلى الحضور الإلهيّ، ( كانت النار دائمة على مذبح المحرقة، إشارة إلى قبول الله للذبائح " النار على المذبح تتقد عليه. لا تطفأ عليها الكاهن حطبًا كل صباح. ويوقد عليها شحم ذبائح السلامة. نار دائمة تتقد على المذبح. لا تطفأ" (لا6: 12، 13)). (هذه السرج كانت تملأ الزيتون النقي للضوء (خر27: 20) " يرتبها هرون وبنوه من المساء إلى الصباح أمام الرب فريضة دهرية في أجيالهم" (خر27: 21).) (وحينئذ " امتلأ الجميع من الروح القدس، وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى، كما أعطاهم الروح أن ينطلقوا" (أع2: 4)). ( إلهنا نار آكلة: (عب12: 29)). وإلهنا المحبّة، النّار الآكلة الّتي تلتهم قلوبنا فتشعلها حبّاً به، ترفعنا نحوه متى حانت السّاعة حتّى نعاينه وجهاً لوجه في مجده السّماويّ.إيليّا، رجل الله الأمين، الّذي أعطي له الكثير فاؤتمن على شعب الرّبّ، وشهد للحقّ، والّذي كان زرعاً طيّباً بين زؤان كثير، استحقّ أن يكون باراً يتلألأ إلى اليوم في حياتنا، فنذكره باستمرار ونطلب شفاعته. إنّه الزّرع الّذي لم يخنقه الزّؤان فاستحقّ أن يضيء كالشّمس في ملكوت الله. مادونا عسكر/ لبنان | |
|