georgette ادارية
عدد المساهمات : 3446 تاريخ التسجيل : 06/02/2010
| موضوع: كيف نتمكن من عدم إدانة من يفعل الخطيئة علانية؟ 31/7/2012, 5:53 am | |
|
عن القديس أفسطاسيوس السينائي
سؤال : كيف نتمكن من عدم إدانة من يفعل الخطيئة علانية؟
جواب: يمكننا ذلك إن تذكرنا قول الرب: (لا تدينوا لئلا تدانوا) (مت 1:7). وأيضا (لا تحكموا على احد لئلا يحكم عليكم)، وتذكرنا أيضا قول الرسول بولس: ( من ظن انه قائم فليحذر من السقوط) (1 كو 12:10)، وأيضا (لأنك فيما تدين غيرك تحكم على نفسك) (رو 1:2)، وأيضا (فإنه ما من أحد يعرف ما في الإنسان إلا روح الإنسان الساكن فيه) ( رو 11:2).
كثيرون أخطئوا أمامنا مراراً، لكنهم إذ تابوا سرا واعترفوا بخطيئتهم نالوا الغفران من الله، وحصلوا على رضاه، فوهبهم الروح القدس. ولم يلبث هؤلاء الذين ظنناهم خطأة أن غدوا أبرارا عند الله. لأننا لم نشاهد فيهم سوى الخطيئة التي فعلوها علنا، أما عمل الصلاح الذي أتموه سرا فلم ندرِ به البتة. ولهذا ينبغي ألا ندين أحدا وإن شاهدناه يخطأ أمام أعيننا .
فحينما نبتعد عمن يفعل الخطيئة عشر خطوات، لا ندري ماذا فعل هو سرا أو ماذا فعل الله معه. فيهوذا الخائن، حتى عشية الخميس، كان مع المسيح والتلاميذ، واللص كان مع اللصوص والمجرمين. وفي فجر الجمعة، ذهب الأول إلى الظلمة البرانية، أما الثاني فحصل مساكنا للمسيح في الفردوس .
ونظرا لهذه التقلبات الفجائية، خير ألاّ يدين الإنسان أحدا حتى مجيء المسيح الذي يعلم أفكار الناس ويكشف خفايا القلوب. لقد أعطى الآب حق الدينونة للابن، وكل من يدين قريبه سالبا حقوق الديان العادل يكون محاربا للمسيح. فهناك أناس لا نعرفهم، قد نالوا بعد تجارب متنوعة، مغفرة خطاياهم. وآخرون، بتحملهم الأمراض المزمنة، تنقوا من خطاياهم، يقول الرب حسب داود النبي: ( أدباً أدّبني الرب وإلى الموت لم يسلمني ) (مز 18:117).
ويقول الرسول بولس في هذا الموضوع: (وإذ يديننا الرب نتأدب وذلك لئلا يحكم علينا مع العالم) (1 كو 32:11). وهذا ما فعله بالذات مع ذلك الزاني حينما سمح له أن يسلّم إلى الشيطان ليعذّب جسده عذاباً شديداً فتخلص نفسه في يوم الدينونة. ويعلمنا هذا الحدث أن الذين يسكن فيهم روح شيطاني، إذا احتملوا العذاب بشكر يخلصون. وآخرون كحزقيال النبي إذ كانوا يتضوعون ألماً على سرير الموت توسلوا إلى الله بدموع حارة فنالوا الرحمة.
وآخرون حصلوا على الخلاص، إذ أقاموا عهد توبة بينهم وبين الله فانتقلوا دون أن يدري بهم أحد خلال أيام قليلة. فالإنسان إنما يدان على ما هو عليه، سواء كان يعمل الخير أو الشر، كما يؤكده لنا الله بفم حزقيال النبي قائلاً: (والمنافق إذا تاب عن جميع خطاياه التي صنعها وحفظ جميع وصاياي وأجرى الحكم والعدل، فإنه يحيا حياة ولا يموت). (وجميع معاصيه التي صنعها لا تذكر له وببره الذي صنعه يحيا) (حز 21:18-22).
وآخرون نالوا غفران خطاياهم بواسطة رجال أبرار. (لأن الرب، كما يقول الكتاب المقدس، يتمم رغبة من يخافونه (مز 19:144). فهارون بواسطة صلوات موسى غفر له عندما صنع العجل لإسرائيل في حوريب. وأخته مريم، بتوسلات موسى إلى الله تطهّرت من البرص. ونبوخذ نصّر، بصلوات دانيال نال رحمة من الله.
وكذلك يتوسل الملائكة القديسون إلى الله من أجل خلاص الإنسان. فإلى كونهم خدامه الأمناء، وما خطئوا أمامه بالكلية، بل يعبدونه ويصنعون مرضاته على الدوام، فإنه يستجيب لطلباتهم لما يملكونه من دالة عظيمة عنده، على غرار أصدقاء ملوك الأرض حينما يطلب منهم من حكم عليهم بالموت أن يلتمسوا الملك ليمنحهم العفو. إن الملائكة القديسين يحبون الجنس البشري حباً عظيماً ويعطفون عليه، لأنهم بواسطة جسدنا نحن استحقوا أن يشاهدوا الإله الكلمة الذي كانوا يشتهون معاينته منذ الدهور. وهذا ما تشهد عليه هامتا الرسولين بطرس وبولس. فالأول يقول: (إن الله قد منحنا خيرات كان الملائكة يشتهون أن يلحظوها بأعينهم وأن يروا الله كما شاهدناه نحن قبلهم جلياً حينما تجسّد) (1 بط 12:1). ويتكلم الثاني على صعود المسيح جهارا قائلاً: (الآن قد صعد المسيح ليظهر من خلال الكنيسة للرئاسات والسلطات) (1 تيمو 16:3). يتبين من ذلك أن الملائكة القديسين هم محبو البشر. وقد قال الرب: (هكذا يكون في السماء فرح بخاطئ واحد يتوب ...) (لو 7:15). ولهذا فكل مؤمن ينال المعمودية يرسل له الله ملاكاً حارساً ليرشده ويعلّمه. لقد حذر الرب اليهود قائلاً: (إياكم أن تحتقروا أحداً من أولئك الصغار المؤمنين بي، أقول لكم أن ملائكتهم في السموات يشاهدون كل حين وجه أبي الذي في السموات) (مت 10:18).
والملاك المعطى لحراسة الناس أعطي ليعاون الإنسان المؤتمن عليه، إذا وجده وادّاً الصلاح ومجاهداً في سبيله قدر استطاعته. ويستجيب الله المحب البشر لطلبته حينما يتوسل من أجله فيمنحه الخلاص وغفران الخطايا.
فإذا كان الرجال الأبرار – كما قلت – قد أنقذوا بكثرة توسلاتهم إلى الله أناساً خطأة، فكم بالأحرى يقدر الملائكة القديسون على فعل ذلك؟
لا نديننّ إنساناً وإن شاهدناه يخطأ علانية. بل بالأحرى لننصحه بتواضع ونصلي من أجله. وإذا كان هذا الكلام غير كاف لإقناع القارئ نضيف عليه ما يأتي:
قل لي يا عزيزي، من يستطيع أن يصدق أن الله غفر لراحاب وبرّرها من جميع خطاياها لاستقبالها الجاسوسين الإسرائيليين، إذ شاهدها تزني، في أريحا علانية، ويصدق أن العشار الخطاف الظالم نال عطف الله ورجع إلى بيته مبررا عندما كان يصلي مع الفريسي، وشمشون الذي قضى على حياته – كما يشهد بولس الرسول – قد حسب مع مصاف القديسين؟ أو من يقدر أن يصدق أيضاً أن منسى الذي أمضى في عبادة الأوثان اثنتين وخمسين سنة، وجعل الشعب الاسرائيلي كله يبتعد عن الله بمخالفة وصاياه، قد حظي بالغفران – كما يقول الكتاب المقدس – بمجرد صلاة قصيرة؟ فقد صلى تلك الصلاة المعروفة حينما طرحه ملك الأشوريين داخل حيوان نحاسي فانشق الحيوان بقوة الله وأخرجه على الفور ملاك الرب – كما يذكر مؤرخو الكتاب – ونقله إلى أورشليم حيث قضى بقية حياته بالتوبة. ولكي لا أستعرض حوادث العهد القديم كلها أكتفي بحادثة اللص القديس الذي نال الخلاص بتوبته الصادقة وهو على الصليب وأدّى بالناس إلى الحيرة في شأن توبته سرياً دون أن يدري بها أحد، وإلى القول، كيف برر ذلك اللص الدنس الذي نهب كثيرين وقتل كباراً وصغاراً، أبراراً وظالمين، وعلّم الناس السرقة وصنع الإثم، قد اقتحم الفردوس بكلمة واحدة في آخر حياته وسكنه قبل الجميع!.
لم أسترسل في هذا الكلام عن عبث، ولكن ما دعاني إلى التوسع به هي ألسنة كثيرين من الناس الرهيفة الأرهف من سيف ذي حدين والمشهرة لإدانة الآخرين. فإذا ما شاهد هؤلاء الناس رجلاً توفرت حسناته ولاحظوا فيه خطأ زهيداً – شأن كل إنسان إذ لا أحد بلا خطيئة، كما يقول الكتاب، إلا الله وحده – نسوا حسناته الكثيرة واستهانوا به، مذيعين للجميع بخطأه الزهيد، ومشهرين به تشهيراً لا نهاية له. مثل هؤلاء يستحقون عقاب الله، ليس على خطاياهم وحسب، ولكن على ما يسببونه من الضرر والهلاك لغيرهم.
من كتاب: كيف نحيا مع الله
| |
|
fr.boutros Director-General
عدد المساهمات : 3017 تاريخ التسجيل : 18/11/2009
| موضوع: رد: كيف نتمكن من عدم إدانة من يفعل الخطيئة علانية؟ 3/8/2012, 12:55 am | |
|
أَيُّها الرّبُّ وسيّدُ حياتي، أَعْتِقني مِنْ روحِ البَطالةِ والفضولِ وحُبِّ الرّئاسةِ والكلامِ البطَّالِ. وأَنْعمْ عليَّ أَنا عَبدُكَ الخاطِئ بروحِ العفَّةِ واتّضاعِ الفكرِ والصّبرِ والمحبَّةِ. نَعَمْ يامَلِكي وإلهي هَبْ لي أَنْ أَعْرِفَ ذنوبي وعيوبي وألاّ أدينَ إخْوتي، فإنَّكَ مباركٌ إلى دهرِ الدّاهرينَ. آمينْ
| |
|
madona مشرفة
عدد المساهمات : 910 تاريخ التسجيل : 04/03/2011 العمر : 49 العمل/الترفيه : مدرّسة
| موضوع: رد: كيف نتمكن من عدم إدانة من يفعل الخطيئة علانية؟ 29/11/2012, 1:00 pm | |
| يعطيك العافية أختي جورجيت موضوع متميز وكلمات نحتاج أن نقتات منها كل يوم محبتي وتقديري | |
|