[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]بوريس وغليب (في المعمودية رومانوس وداود - نهاية القرن العاشر وبداية القرن الحادي عشر) الأميران الحسنا العبادة (الصابران على الآلام٭) هما باكورة القديسين الروس وأول من أعلنت قداستهما في الكنيسة الروسية وهما قدّيسان في كنيسة القسطنطينية أيضاً.
لقد كانا الأبنين الأصغرين للأمير القديس المعادل للرسل فلاديمير، ولدا له قبل معمودية روسيا بقليل، لذلك نشأ الأخوان القديسان وتربّيا في التقوى المسيحية الشريفة. لقد حصل الأخ الأكبر بوريس على تعليم جيد وكان يحبّ قراءة الكتاب المقدس وأعمال الآباء القديسين وخصوصاً سِيَر حياتهم، ومن شدّة تأثّره بهم اشتعلت في قلبه رغبة ليقتدي بجهاد القديسين الذين أرضوا الله وكان يصلي كثيراً من أجل أن يؤهّله الرب لهذا الشرف.
أما الأخ الأصغر القديس غليب فتربى منذ طفوليته مع أخيه بوريس وتقاسم معه سعيه و تطلّعه بأن يكرّس حياته لخدمة الله. ولقد تميّز الأخوان بالرّحمة وطيبة القلب مقتديين بأبيهما القديس المعادل للرسل الأمير العظيم فلاديمير الذي كان رحوماً وعطوفاً على الفقراء والمرضى والمحرومين.
قسم الأمير العظيم القديس فلاديمير لأبنائه نصيبهم وهو على قيد الحياة، فحصل الأمير بوريس على مقاطعة روستوف نصيباً له. فأظهر الحكمة والوداعة في إدارة شؤون إمارته وكان همّه الشاغل هو غرس الإيمان الأورثوذكسي وترسيخ حياة التقوى بين رعاياه.
واشتهر الأمير الشاب كمحارب بارع وشجاع. وقبل موته بقليل دعى الأمير العظيم فلاديمير إبنه الأمير بوريس إلى كييف وأرسله مع جيش لمحاربة قبائل البجناك.
وبعد وفاة الأمير المعادل للرسل فلاديمير اغتنم الفرصة إبنه الكبير سفياتوبولك الذي كان موجوداً في كييف في هذه الأثناء وأعلن نفسه أمير كييف العظيم.
في هذا الوقت كان الامير بوريس عائداً من حملته العسكرية مع جيشه لأنه لم يلتقِ قبائل البجناك الذين تشتتوا في السهول وهربوا خوفاً منه .
ولما عرف بموت والده حزن جداً.حاول العسكر إقناعه بأن يتوجه إلى كييف ويشغل كرسي الإمارة ويعلن نفسه أمير كييف العظيم، ولكن الأمير القديس بوريس لم يرغب في أن يدخل في نزاع مع أخيه فحلّ الجيش وسرّح العسكر إلى بيوتهم وقال: "لن أرفع يدي على أخي وخصوصاً أخي الأكبر الذي أعتبره بمقام والدي!"
لكن سفياتوبولك الغدّار الماكر المحبّ للسُّلطة لم يصدّق صفاء نية بوريس وإخلاصه فأراد أن يحمي نفسه من منافسة مُحتملة من قِبل أخيه بوريس الذي كان يحظى بحبّ الشعب و الجيش، فأرسل إليه فرقة من القتلة.
علم القديس بوريس بغدر وخيانة سفياتوبولك ولكنه لم يهرب ولم يختبئ بل كان مُستعدّاً للقاء الموت كشهداء المسيحية في القرون الأولى. وصل إليه القتلة عندما كان يُصلي صلاة السحر في يوم الأحد في 24 يوليو (6 أغسطس) في سنة 1015 في خيمته على ضفة نهر ألطا. وبعد الخدمة اقتحموا الخيمة وأثخنوا الأمير بحرابهم. واندفع جيورجي خادم الأمير بوريس المحبوب الهنغاري الأصل للدفاع عن سيّده ولكنه قُتل على الفور. أما القديس بوريس فكان لا يزال على قيد الحياة فخرج من الخيمة و ركع وصار يُصلي بحرارة، وبعد ذلك توجّه إلى القتلة قائلاً: "هيا تقدّموا يا إخوتي وأنجزوا المهمة التي أتيتم من أجلها، ولينعم بالسلام أخي سفياتوبولك وأنتم أيضاً". فتقدّم واحد منهم وطعنه بالحربة.
ونقل خُدّام سفياتوبولك جسد بوريس إلى كييف وفي الطريق قابلوا إثنين من"الفارياغ" (محاربين مأجورين كانوا يخدمون في الجيش الروسي) مُرسلين من قِبل سفياتوبولك ليسرّعا المهمة، ولاحظا بأن الأمير بوريس لا يزال حياً بالرغم من أنه بالكاد كان يتنفس. وعندها غرس أحدهما سيفه في قلب الأمير.
وتمّ إحضار جسد القديس "الصابر على الآلام" الأمير بوريس بسرّية تامة إلى مدينة فيشغورود ووضع في كنيسة على إسم القديس باسيليوس الكبير.
وبعد ذلك وبنفس الغدر والخيانة قتل سفياتوبولك الأمير غليب. أرسل سفياتوبولك في طلب أخيه الأمير غليب من مقاطعته "موروم" وضغن له المكر بأن أرسل فرقة من العسكر لتلاقيه في الطريق وتقتله.
وكان الأمير على علم بموت والده وبجريمة القتل الوحشية التي ارتكبت ضدّ أخيه الأمير بوريس. فحزن حزناً عميقاً وفضّل أن يموت على أن يحارب أخاه. والتقى الأمير بالقتلة وتم قتله عند مصبّ نهر سميادين بالقرب من مدينة سمولينسك.
اشتهر القديسان الأميران "الصابران على الآلام" وتمجدا من الله بموهبة الأشفية وهما أيضاً نصيران ومدافعان ممتازان عن الأرض الروسية، وكانت لهما ظهورات معروفة في الأوقات الصعبة التي مرّت بها روسيا المقدسة، على سبيل المثال ظهورهما للقديس الأمير ألكسندر نيفسكي قبل المعركة على جليد بحيرة تشودسكايا سنة 1242، وظهورهما للأمير العظيم دميتري دونسكوي في يوم معركة الكوليكوفو الشهيرة سنة 1380.
بدأ تكريم القديسين بوريس وغليب مُبكراً ومباشرة بعد استشهادهما. وأقدم سيرة مكتوبة للقديسين ظهرت فيما بين القرنين الحادي عشر والثاني عشر وهي "قراءة عن حياة واستشهاد المغبوطين "الصابرين على الآلام" بوريس وغليب" للقديس نسطور مدوّن التاريخ وأخرى مجهولة المؤلف "قصة آلام ومدح القديسين الشهيدين بوريس وغليب".
تُعيّد الكنيسة الروسية الأورثوذكسية لنقل رفات القديسين الأميرين بوريس وغليب في 2(15) مايو وذكراهما في 24 يوليو (6 أغسطس) و5(18) سبتمبر.
------------------------
٭"الصابر على الآلام" (страстотерпец) هو مصطلح تختصّ به الكنيسة الأرثوذكسية الروسية. الصابر على الآلام هو من يحتمل الألم والعذاب من بني وطنه أو من أهله أو من إخوته في الإيمان ويواجه الموت بصبر وشجاعة. هي درجة من درجات القداسة في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية وأشهر من أُعلنت قداستهم كصابرين على الآلام هم القديسان بوريس وغليب والعائلة القيصيرية التي هي عائلة القيصر نيقولا الثاني آخر قياصرة روسيا
almasdar