تعلم من الموت
" لستُ أعرف يوم وفاتي " ( تك 27 : 2 )
+ عبارة ذكرها أبونا اسحق ، لإبنه يعقوب ، وهي حقيقة بالطبع . وإن كان الكثيرون يتجاهلونها ، رغم سماعهم أو رؤيتهم للعديد من الأموات يومياً ، والبعض يعتقد أن الموت بعيد عنه تماماً ربما لحداثة السن ، أو للتمتع بالصحة الجيدة ، أو للفكر البعيد تماماً عن الموت وحقيقته .
+ فمن المعلوم أن المرء لا يعلم متى يموت ؟ فقد يكون فى كامل صحته وشبابه ، وتحدث له حادثه ، أو يموت فجأة فى كارثة طبيعية مُباغتة ، تحل على منطقة ، وتُهلك ألوفاً ( زلزال ، بركان ، سيول ..... الخ ) .
+ وقد يسمح الله برحيل إنسان مبارك ، فى سن صغيرة ، ليُريحه من أتعاب الدنيا ، ومن شرورها : " من وجه الشر يُضم الصديق " ( إش 57 : 1 ) ، " ولم يوجد أخنوخ ، لأن الرب أخذه " ( تك 5 : 24 ) .
+ وقد تحدث الرب يسوع عن ظاهرة اختطاف الأرواح ، في سن مبكرة ، كعلامة من علامات المجيء الثاني ( مت 24 : 40 – 41 ) ، وهو مانلمسه اليوم ، بشكل ظاهر ، ومنتشر بين البشر !! .
+ ونظراً لأن المرء لا يعلم متى سيرحل من هذا الكوكب الشقي ، فيجب عليه أن يستعد للرحيل للعالم الآخر ، مدعماً بأعمال صالحة ، وتحويل عُملاته الورقية أو المعدنية ، لأعمال خيرية ، يمكن قبولها لدى الله ، في بنك السماء لينال عنها خير الجزاء .
+ ولا تقاس حياة الإنسان " بطولها " ، ولكن " بعمقها " ، وبما فيها من أعمال جليلة ، تخدم الأهل والمجتمع والكنيسة ، وتظل ذكراها للأبد .+ والدنيا هي مزرعة للآخرة ، فما تزرعه هنا ، تحصده هناك .
+ وإن كان العمر محدوداً جداً – في الدنيا – وأنه سيترتب عليه مصير خطير جداً ( شقاء أو سعادة فى السماء ) فيجب الإستفادة بكل لحظة وكل دقيقة وكل ساعة ، في زيادة رصيد الخير ، لأن أعمال المرء تتبعه ( الصالحة والطالحة ) وسوف يتحدد على أساسها درجة تمتعه ، أو عذابه الأبدي .
+ وقد سأل تلميذ مبتدئ ، أبوه الروحي : " متى أتوب ؟ " فقال له الأب الحكيم : " يمكنك أن تتوب قبل أن تموت بساعة واحدة ؟ " فقال له التلميذ : " ولكني لستُ ادرى متى ستكون ساعة وفاتي ؟ " ، فأجابه الحكيم : " إذن تُب الآن !! " .
+ وهو نفس المبدأ الذي أكده الوحي المقدس ، وأيده القديس بولس الرسول :
• " عظوا أنفسكم كل يوم ، لكي لا يُقسى أحد منكم بغرور الخطيئة .... اليوم إن سمعتم صوته ، فلا تُقسوا قلوبكم " ( عب 3 : 13 – 15 ) ، فهل تسمع وتطيع صوت يسوع ، وتقبل إليه بتوبة ودموع ؟! .
أم تؤجل مثل الوالي فيلكس ، فهلك ومضى للجحيم ( أع 24 : 25 ) وكما حدث لشبان وشابات ، لم يسمعوا للنصيحة ، وماتوا فجأة !! .
+ فعلينا إذن أن نتعلم الدرس العملي من الموت ، الذى يحصد الملايين كل يوم ، ويهلك الالآف كل ثانية وكل دقيقة ، وهم فى غفلة ولهو وعبث ، فيجدون أنفسهم فجأة محمولين على أذرع شياطين التاجيل والتسويف ، إلى قاع الجحيم ، كما يحدث كل يوم للأسف !! .
+ فماذا أنت عازم على فعله من الآن فصاعداً ؟! وايهما أفضل : الإستمرار في تلك الحال البائسة ؟ أم نيل عربون السعادة الدائمة ؟!