عيد بشارة سيّدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم يستند عيد البشارة، أساسا، إلى النص الكتابي الوارد في الإصحاح الأول من إنجيل لوقا، الآيات 26 إلى 38. وهذا النص الكتابي هو اساس عيد البشارة. وثمة تعليلا لهذا العيد، ففي النص الإنجيلي ان البشارة حدثت بعد ستة أشهر من الحبل بالسابق، الذي اعتبر انه جرى في أيلول. في ذلك الوقت ظنّ ان زخريا دخل الهيكل يوم الكفّارة. فعلى هذه القناعة عدّت البشارة في شهر آذار، بعد ست أشهر من ذلك، فيما حسب عيد الميلاد بعد تسعة أشهر من عيد البشارة، أي بعد الزمن اللازم بشريا، للولادة.
ان عيد البشارة كان معروفا في كنيسة المسيح منذ القرن الخامس للميلاد.موقع عيد البشارة في الكنيسة وضّح في مجمع تروللو، لما أورد ان القدّاس السابق تقديسه يقام في كل أيام الصوم ما عدا السبوت والآحاد وعيد البشارة.
بالنسبة لمعنى العيد تمثل الذكرى بداية تحقيق التدبير الخلاصي للبشرية. الكل انسكب في هذا الحدث الفذّ يضيق تدريجا ليصبّ في ثغرة واحدة، والثغرة إلى الملكوت كانت والدة الإله، العذراء مريم. خدمة المديح التي كانت اساسا خدمة تقام بمناسبة عيد البشارة تبيّن بالتفصيل بعض الصور الواردة في العهد القديم بمثابة إشارات وتماثيل لمريم والدة الإله.
إلى ذلك تضمّن خدمة الغروب والسحر في عيد البشارة قراءة الكنيسة للحدث الجلل وموقفها منه ومن والدة الإله بصورة أخص.هذا والخدمة كلّها تنشد الفرح بالحدث وبوالدة الإله.آبائيا، آباؤنا استرسلوا في الكلام على مضامين الحدث والمكانة التي شغلتها وتشغلها والدة الإله في تدبير الخلاص. اول ذلك تأكيد العديد منهم ان والدة الإله، العذراء مريم، هي زهرة البشرية.
الفرح بمريم ناشىء عن تدبير الله فيها وعن مساهمتها في تمام القصد الإلهي ايضا.
الطروبارية
اليومَ رأسُ خلاصِنا، وإعلانُ السرّ الّذي منذ الدهور، فإنّ ابنَ الله يصيرُ ابنَ البتول، وجبرائيلَ بالنعمةِ يبشّر، فلذلك ونحن معه، فلنهتف نحوَ والدة الإله: إفرحي أيّتها الممتلئةَ النّعمة، الرّبّ معِك.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
القدّيس تيخون
القدّيس تيخون هو بطريرك موسكو وكلّ روسيا بين العامين 1917 و1925. منصب البطريرك كان قد علّقه القيصر بطرس الأكبر في القرن الثامن عشر. فلما اندلعت الثورة البولشفيّة في العام 1917م. التأم المجمع الكنسيّ الروسيّ وألغى التدابير الذي كان بطرس الكبير قد فرضها ثم اختار ثلاثة أشخاص وألقى القرعة فوقعت على تيخون فحُسب بطريركًا.
ولد تيخون في العام 1865م. في مدينة صغيرة من مقاطعة بسكوف، بعد الدراسة اللاهوتية صار راهبًا وكاهنًا وعُيّن مديرًا لإكليريكيّة خولم في بولونيا الروسيّة، لطافته وتقواه وتواضعه جذب الكثيرين حتّى من غير الأرثوذكس الذين أعادهم إلى حضن الكنيسة.
جُعِلَ أسقفًا وهو في الثانية والثلاثين من العمر. أُوفد إلى أميركا الشماليّة حيث باشر عملاً رسوليًّا واسع النطاق وأسّس ما يزيد على الخمسين رعيّة وديرًا وإكليريكيّة، كما بنى كاتدرائيّة نيقولاوس في مدينة نيوروك. استدعي إلى روسيا تد في السنة 1907 وتسقّف على يارسلاوف فأحبّه الشعب لرفقه الأبويّ، فلمّا اندلعت شرارة الحرارة العالميّة الأولى نشط لإغاثة المنكوبين نشاطًا كبيرًا. وإذ بدأت الثورة وأخذت الفوضى تعمّ وارتكبت المجازر وساد الخراب اهتمّ تيخون بحثّ الشعب على التوبة.
استمرّ القدّيس في خضم الفوضى العارمة والمذابح والانتقامات يدعو إلى سيرة كسيرة الشهداء. في كانون الثاني من العام 1918 حرم أصحاب الثورة للفظائع التي إرتكبوها. لم يشأ البتة أن يتدخل في شؤون السياسة. اهتمامه كان إيمانيًّا بحتًا. جرت عدّة محاولات لاغتياله، ورغم ذلك كان يدعو إلى العفو والمصالحة.
في العام 1921 أنشأت جماعة إكليريكيّة منحرفة ما عُرف بـ "الكنيسة الحيّة". هذه أخذت تهدد، مدعومة من أصحاب الثورة، بتقويض دعائم الكنيسة والتراث الأرثوذكسيين.
إلى هذه المحن أُضيفت، في العام 1922، محنة جديدة لما ضربت المجاعة الملايين من السكان. عمل البطريرك على تنظيم المساعدات ما أمكنه حتّى باع المثمّنات التي لم يكن لها استعمال في الليتورجيا. أمّا الأواني الكنسيّة فلم يسمح ببيعها. في أيار 1922 عمدت "الكنيسة الحيّة" المزعومة إلى الإطاحة بتيخون فجرى حبسه حتّى حزيران 1923م حين أطلق سراحه. بقي صامدًا وأطلق حرمًا في حق كهنة هذه الكنيسة ومن يشتركون في صلواتهم وأسرارهم. وفي العام 1924 جرت محاولة أخرى لاغتياله ومورست عليه كافة الضغوط التي استنفدت قواه الجسديّة والعصبيّة. أُدخل المستشفى ورقد رقود المعترفين في عيد البشارة من تلك السنة. يذكر أن قداسته جرى إعلانها في السنة 1989م.
الطروبارية
اليومَ رأسُ خلاصِنا، وإعلانُ السرّ الّذي منذ الدهور، فإنّ ابنَ الله يصيرُ ابنَ البتول، وجبرائيلَ بالنعمةِ يبشّر، فلذلك ونحن معه، فلنهتف نحوَ والدة الإله: إفرحي أيّتها الممتلئةَ النّعمة، الرّبّ معِك.