العَذراء والدَعوَة
مُقارَنَة بَنَ العَذراء والنَبي الحَبيب مُوسي.. أَنقُلها عَن إِنسان بَسيط في مَعارِفِهِ، وَهِيَ تَبحَث في مَسلَك كِلَيهِما عِندَ الدَعوَة لِلخِدمَة العَظيمَة، وَهَكَذا المُقارَنَة:
مُوسي النَبي
وَقَد تَعَلَمَ بِكُلِ حِكمَة المَصرِيين، وَكانَ وَقت دَعوَتِهِ عِندَ العُلَيقَة المُشتَعِلَة ناراً رَجُلاً قَوِياً في سِن حوالي الثَمانينَ عاما، وَكَم مِنَ الخِبرات مَرَ بِها طِوالَ سِني حَياتِهِ الطَويلَة السابِقَة علي الدَعوَة، والمَوقِف الإِجتِماعي مُتَزَوِج وَلَهُ ذُرِيَة، وَكانَ مُحِباً لِشَعبِهِ وَنَسَبِهِ، وَأَرادَ وَقتاً أَن يُدافِعَ عَنهُم وَيَرفَع الظُلم.. فَكانَت مَجهوداتِهِ الذاتِيَة النَفسِيَة الجَسدانِيَة قاصِرَة مُريعَة.. حَتي أَنَها لَم تُخَلِص وَلَو نَفَراً قَليلاً مِن شَعبِهِ رَغمَ عِظَم مَكانَتِهِ وَقتَها. ثُمَ أَنَهُ لَما دَعاهُ الرَب بَعدَ كُلِ هَذِهِ الحَياة الحافِلَة.. تَرَدَدَ كَثيراً أَمامَ الرَب الإِلَه.. تَرَدَد وَتَهَرَب مِن إِرسالِيَةَ الرَب العَظيمَة لَهُ والمَحفوفَة بالمَخاطِر والتَحَدِيات الجِسام، وَهوَ في ذَلِكَ لَم يُخطِيء بِحَسَبِ طَريَقَةِ قِياسِهِ.. إِذ كانَ يَحسِبَها قِياساً عَلي قُدراتِهِ وَذاتِهِ التي أَيقَنَ مِنَ القَديم كَم هِيَ ضَعيفَة وَمُخذِلَة وَبِلا حِكمَة وَصَبر رَغمَ كُلِ ما أَدرَكَهُ في العالَمِ.. وَلَكِن الرَب كانَ يَدعوهُ لِيَذهَبَ مَسنوداً عَلي مَن دَعاه وَلِأَجلِ عَمَلٍ عَظيم هائِل سَبَقَ فَأَعدَهُ وَلِتَحقِيق وَعدَ الله السَابِق لِشَعبِهِ ولِلبَشَرِيَة كَمِثال... فَلَبي مُوسي أَخيراً الدَعوَة.
العَذراء
وَقتَ الدَعوَة لِعَمَلٍ جَلَل سَتَهتَز لَهُ البَشَرِيَة جَمعاء وَتَخلُص.. كَانَت فَتاةٌ عَذراء عَلَها في العُمرِ بِحوالي الأَربَعَةَ عَشرَ عاماً.. بَسيطَة مِن حَيثُ الوَضع المالي (فَقيرَة)، وَلَم تُتاحَ لَها فُرصَة التَحصِيل لِحِكمَة اليونانيين في عَصرِها كَموسي في قَصرِ الفَراعون وَحِكمَةَ المَصرِيين.. كانَت رَقيقَة كَفَتاةٌ صَغيرَة وَليسَت كَرَجُلٍ شَيخ، والكَثير والكَثير، وَلَكِن وَيالي العَجَب عِندَ دَعوَتِها الهادِئَة (بِما يُناسِب نَفسَها الحَسَاسَة وَرِقَتِها) وَالتي لَم تَكُن كَما بِنارٍ في عُلَيقَة.. إِستَوضَحَت ثُمَ إِستَجابَت عَلي الفَورِ مُقَدِمَةً نَفسَها كَأَمَة لِلرَب تَحتَ أَمرِهِ وَطاعَتِهِ. أَه لِماذا ؟!.. لِأَنَها بِسِني حَياتِها القَصيرَة عَلِمَت أَنَها ضَعيفَة، وَأَنَ الرَب قادِر بِالضَعيف إِن أَطاعَ أَن يَصنَعَ بِهِ مُعجِزات.. السَبَب في الطاعَة المُباشِرَة أَنَها لَم تَقيس عَلي نَفسِها وَقُدراتِها شَيئاً.. بَل القِياسَ كُلَهُ عِندَها عَلي الرَب الصادِق الأَمين وَقُدرَتِهِ وَحدِهِ.
إِلَهي الحَبيب.. يُخالُ لي أَنَكَ تَدعوني كَثيراً، وَلَكِني أُطِيعُ وَأَذهَب لِأُنجِز قَليلاً جِداً، وَأَعودُ أَسأَلُكَ لِماذا لا تَثِقُ بي.. سَامِحني أَنت تُحِبَني وتَدعوني، وَلَكِنَها ذاتي وَعَدَمِ إِتِكالي عَليكَ بالجُملَةِ.. حَرِرني بِحِكمَتِكَ مِن ذاتي، وَأَنتَ بالفِعلِ تُحَرِرَني، وَأَتَعاوَن مَعَكَ في تَحريري، وَمِن ثُمَ أَذهَب كَثيراً حَيثُما تَدعوني وَتُرسِلَني.. وَأَفرَح بَينَ يَدَيكَ مَعَ فَرَحِكَ بي.
(مَنقول)
أَمين.