" خبّأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك." ( 7)

" لاَ تَقْتُلْ."

إذا كانت الوصيّة السّادسة قد اكتفت بمنع القتل الجسدي، فالمسيح ذهب أبعد من ذلك رافضاً ما هو أبعد من وضع حدّ للحياة. ففثمّة ما هو أفظع من القتل الجسدي، وأقبح من ارتكاب جرم يودي بحياة إنسان.

يرسم السّيّد سقفاً عالياً للوصيّة إذ إنّه يعرّف فعل القتل انطلاقاً من الكلمة والسّلوك. فالقتل المعنوي أشدّ قسوة من القتل الجسدي، لأنّه يتمكّن من عمق النّفس الإنسانيّة ويجعلها تحيا في الموت وهي حيّة. " سمعتم أنه قيل لآبائكم: لا تقتل، فمن يقتل يستوجب حكم القاضي. أما أنا فأقول لكم: من غضب على أخيه استوجب حكم القاضي، ومن قال لأخيه: يا جاهل استوجب حكم المجلس، ومن قال له: يا أحمق استوجب نار جهنم." ( متى 22،21:5).

" من قتل استوجب حكم القاضي". ( تقضي التّوراة بقتل القاتل ( خروج 12:21، لاويين 17:24 ، تث13،8:17). ما يحقّق العدالة الاجتماعيّة انطلاقاً من المفهوم البشريّ. لكنّه لا يردع الإنسان عن انتهاك الكرامة الإنسانيّة.

"أمّا أنا فأقول: من قال لأخيه يا جاهل استوجب حكم المجلس". ( جاهل: الكلمة الآراميّة تعني: فارغ الرأس، بلا دماغ ). عندما يقول أحدهم لأخيه يا جاهل يهين عقله وحكمته متغافلاً عن مساعدته في تنميتهما، فيحجب عنه المعرفة.

"ومن قال له: يا أحمق استوجب نار جهنّم ". ( الكلمة اليونانيّة تعني الجهل، أي الخلوّ من الفهم. أمّا الاستعمال جعل منها كلمة تعبير عن الكفر والجهل الذّريع ( تث 6:32، 1قور10:4).

إذا كانت كلمة ( أحمق) تؤدّي إلى الهلاك، فهذا يعني أنّها مساوية لفعل القتل وبالتّالي تفصل الإنسان عن الله. إذ إنّ عقاب جهنّم هو الهلاك الأبديّ وطريق اللّاعودة إلى الله. إنّ الإزدراء بكرامة الإنسان وكيانه استهزاء بالله. فالإنسان مخلوق على صورة الله ومثاله، وبإهانته نهين الله ونفصل أنفسنا عنه.

" كلّ من يبغض أخاه فهو قاتل نفس، وأنتم تعلمون أنّ كلّ قاتل نفس ليس له حياة أبديّة ثابتة فيه."، يقول الرّبّ في ( 1 يوحنا 15:3). البغض هو فعل القتل الحقيقي، فبه نوجّه كلّ عمل شرّير نحو الإنسان وبالتّالي نحو الله. إن قال أحد: «إنّي أحبّ الله» وأبغض أخاه، فهو كاذب. لأنّ من لا يحبّ أخاه الّذي أبصره، كيف يقدر أن يحبّ الله الّذي لم يبصره؟" ( 1 يوحنا 20:4).

القتل جريمة يعاقَب عليها الإنسان وهو أسوء فعل يمكن أن يُقدم عليه لأنّه تجاسر على وضع حدّ لهبة الله. إلّا أنّ انتهاك الكرامة الإنسانيّة فعل أشدّ جسارة وهو تطاول على الله وعلى صورته. من قتل أخاه تجرّأ على المسّ بالصّورة الإلهيّة، وبقتله للإنسان يقتل الله.

» " خبّأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك." ( 2)
» " خبّأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك." ( 4)
» " خبّأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك." ( 5)
» " خبّأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك." ( 6)
» " خبّأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك." ( 8)