نسجد لآلامك أيّها المسيح، فأرنا قيامتك المجيدة. (2)

إنّ عيوننا الأرضية تستطيع أن ترى ما يخضع للمادّة الحسّيّة كي تتمكّن من التقاط الصّور ثمّ ترسلها إلى العقل فيفهمها ويترجمها. كذا تحتاج نفوسنا إلى نور المسيح حتّى تعاينه وتفهم منطقه، ولا تقوى النّفس على معاينة من هو نور من نور إن لم تكن مستنيرة بذات النّور. وكما يحتاج السّراج إلى الزّيت حتّى يقتحم الظّلمة ويبيده، كذا يعوزنا أن نملأ قلوبنا من نور السّيّد فينكشف أمامنا السّبيل إليه.
السّبيل إلى السّيّد هو السّبيل إلى أعماقنا حيث اختار أن يمكث. وهو الرّفيع عن الألم، ارتضى أن يتألّم عنّا ويقتحم ظلمة إنسانيّتنا فيتفجّر فيها النّور الّذي لا ينضب فنراه. ومعنى أنّ المسيح تألّم عنّا وخلّصنا من هذه الظّلمة هو أنّه أضرم في أعماقنا ناره العذبة فاضمحلّت خطيئتنا وتلاشى تشوّه صورة إنسانيّتنا الّتي هي على صورة الرّب كمثاله. ولم نكن لنتمكّن من إعادة بهاءنا إلّا بنور ونار المسيح.
إنّ أعمالنا الصّالحة وسلوكنا الحسن لا يمحو خفايا نفوسنا حيث يقبع كبرياؤنا، ولا تسكت فينا ميولنا إلى فعل الشّرّ، لأنّنا ونحن الضّعفاء يلزمنا يد تمتدّ لترفعنا من شقائنا. ولأنّنا ونحن الموتى نحتاج لمن لا يموت كي يخلقنا من جديد. ما يزيل كبرياؤنا ويقتلعه من جذوره هو الارتباط بشخص المسيح، فنخلع إنساننا العتيق ونلبس المسيح، فلا نعود نحن بل نصبح مسيحاً آخر. وإذ لبسنا المسيح نسدّ كلّ منفذ للخطيئة ونغدو هياكل طاهرة للرّبّ يسكنها أبداً.
تألّم المسيح من أجلنا حبّاً بنا، وبالتّالي نقّح إنسانيّتنا بهذا الحبّ وأعاد لها كرامتها، ولمّا كان السّيّد هو الحبّ بذاته، أصبحنا به شعاع الحبّ في هذا العالم، أي شعاع المسيح. " أنتم نور العالم"، ( متى14:5) يقول السّيّد، ولكن لا نكون نوراً إلّا به، ولا يمكننا أن نعكس نوره ما لم يكن فينا. ومن كان شعاع المسيح لا يرى إلّاه، إذ إنّ نوره السّاطع يملأ كيانه ووجوده. ومن اتّحد بحب المسيح لا يحيا إلّا حبّاً إذ إنّه منطقه صار منطق المسيح. لم يقل الرّبّ: أحبّوا بعضكم، بل قال " أحبّوا بعضكم كما أنا أحببتكم"، أي ارفعوا بعضكم البعض وابذلوا أنفسكم من أجل بعضكم البعض وتألموا حتّى الموت حبّاً حتّى تتمجّدوا.
تباركت أيّها الحبّ الأعلى، يا من عطش إلينا وهو الظّامئ إلى حبّنا. تباركت أيّها المسيح الحبيب، يا من أظهر لنا أنّ الله شخص الحبّ الأزلي، فتجلّى لنا على عرش الصّليب المقدّس. تباركت أيّها السّيّد المنزّه، يا من أشرق علينا بنوره المجيد فأفنى كلّ ظلمة. أيّها الحبيب الأوحد، زدنا نوراً من نورك، واغمرنا بحبّك المقدّس. ربّي املأ سراجنا بزيتك المقدّس حتّى إذا ما أتت السّاعة وأقبلت عريساً لتحملنا إلى ملكوتك السّماويّ، ندخل معك الفرح الّذي لا ينتهي ولا يزول. أنت المسبّح والممجّد كلّ حين، نسجد لآلامك المقدّسة، فأرنا قيامتك المجيدة.

» نسجد لآلامك أيّها المسيح، فأرنا قيامتك المجيدة. (1)
» نسجد لآلامك أيّها المسيح، فأرنا قيامتك المجيدة. (3)
» نسجد لآلامك أيّها المسيح، فأرنا قيامتك المجيدة. (4)
» نسجد لميلادك أيّها المسيح، فأرنا ظهورك الإلهي. (3)
» المسيح قام .. المسيح قام لقد انتقل الى الاخدار السماوية هذا الصباح23 شباط 2011