من أبرز قديسي كنيسة المسيح وأكثرهم شيوعاً في إكرام العامة من المؤمنين. في الأودية السابعة من قانون السحر نرتل له: " أيها الشهيد إن اسمك العجيب يشاد به في كل الأرض، لأنه لا يوجد برّ ولا بحر ولا مدينة ولا قفر إلاّ وتتدفق فيه، بالحقيقة،مجاري عجائبك الغزيرة ".
هو إنسان عرف المسيح فتجند له وازدرى ما عداه. وزّع ماله على المساكين وألهب عقله بالغيرة الإلهية. غرس كرمة الإيمان وصار حرّاثاً صالحاً للثالوث القدّوس. أعرض عن الجسد بما أنه زائل واهتم بحكمة النفس العادمة الفساد. لما قبض عليه مضطهدوه اعترف بالمسيح وتجلّد رافضاً الاشتراك في تقديم أضحية الضلالة لأنها دنسة. تقدّم نحو الجهاد بعزم ثابت. تسلح بالصليب الطاهر كترس. أقام الشوق بالإيمان وأقصى الخوف بالرجاء. أتمّ السعي وحفظ الإيمان. تألم مع المخلص وماثله في الموت بموته الاختياري. سلك بحسب اسمه فحرث الأرض المجدبة بالضلالة الشيطانية واستأصل أشواك مذهب الأوثان. تقدّم نحو الجهاد بعزم ثابت. لسان حاله كان " إني متجنّد للمسيح ملكي. فلا وحوش ولا بكرات ولا نار ولا سيف يقدر أن يفصلني عن محبة المسيح ".كابد الجلدات والتجريدات والضرب بأعصاب البقر والسجن والطرح في الكلس وباقي التعذيبات والدولاب. التعذيبات الأليمة احتبسها بمنزله نعيم. أحرق بالنار لأجل المسيح. قطع جسمه بجملته عضواً عضواً. حربه لم تكن مع لحم ودم بل مع ضلالت عدو الخير. وقد انتصر على ضلالته. صار شهيداً وصديقاً خاصاً للمسيح. المحبة لديه غليت الطبيعة وأقنعت العاشق بأن يصل إلى المعشوق بواسطة الموت. نال السماويات بالمحبة وتقبل من الله إكليل الغلبة ولبس النور فأضحى انتصاره دافعاً " لتمجيد قيامة المخلص الرهيبة ".
لنا الخدمة الإلهية إن المؤمنين بتجديد تذكار جراحاته يستقون ينابيع الأشفية وأنه يتشفع بهم لدى المسيح الإله في كل المسكونة. وهو يحرس المؤمنين ويخلصهم إذا دعوه ويقدّس حياتهم. كما يطرد جسده من البشر كل سقم لأن المسيح يفيض به الأشفية للمؤمنين. في إحدى قطع صلاة المساء للعيد يتوجه إليه المؤمن بهذه الطلبة: " أيّها المغبوط جاورجيوس ، أسألك أن تحفظني متى سافرت في البحر أو البرّ أو كنت هاجعاً في الليل. هبني ذهناً صاحياً. أرشدني إلى إتمام مشيئة الرب الإله، فأجد في يوم الدينونة الصفح عمّا اجترمته في حياتي ، أنا الملتجىء إلى كنف وقايتك ".
أما الكنيسة فهي تسأله الابتهال إلى الله أن ينفذ من الفساد والشدائد من يقيمون بإيمان تذكاره الدائم الوقار وأن يقصي عن المؤمنين الغمّ المفسد وأن ينير ويخلص النفوس وأن يملأ الأفواه تسبيحاً وأن يمنح السلام للمسكونة ويستمد لهم غفران الخطايا والرحمة العظمى. في إحدى الأناشيد نخاطبه على هذا النحو " بادر وتداركنا, نحن أفراخك, كالنسر المجنح بريش ذهبي , وابسط جناحيك وتقبّلنا متعهداً إيانا على الدوام لأنه حسن أن نستريح تحت ظلك ".
ومن الروايات التي تنوقلت عن القديس جاورجيوس واشتهرت واعتمدت موضوعاً لأعداد من إيقوناته رواية قتله التنين. خلاصة الرواية أن ابنة الملك تهددها تنين فظهر له القديس جاورجيوس وقتله وخلصها.أما أخبار عجائب القديس فعديدة.
ثمة دراسات تبين أن رفات القديس جاورجيوس تتوزع, في الوقت الحاضر , على أديرة وكنائس في أماكن شتى في الشرق والغرب .حتى بعض دمه محتفظ به في جبل آثوس.
موجز من كتاب سير القديسين وسائر الأعياد في الكنيسة الأرثوذكسية