نصوم لنلقى وجه السّيّد. (2)

موضوع: نصوم لنلقى وجه السّيّد. (2) 7/3/2014, 5:42 pm

زمن الصّوم هو زمن التّعرّف أكثر إلى بشريّتنا والوقوف عند محدوديّتها. نحن نعلم أنّنا بشر ولكن غالباً ما يغرّنا كبرياؤنا فنتوه عن لحظات ضعفنا، ونستغني عن الله، سواء عن قصد أو غير قصد. فالصّوم يدلّنا على ضعفنا أكثر ويبيّن لنا حاجتنا الأصيلة لله. والحاجة إلى الله ليست حاجة آنيّة وإنّما هي حاجة مستمرّة، لا ليلبّي لنا رغباتنا بل ليزيدنا من محبّته حتّى نصمد أمام هذا الضّعف. إنّها حاجة الحبّ. المحبّة الإلهيّة تهزم كلّ ضعف فينا وأوّله الكبرياء. سقط آدم بسبب كبريائه، أي باستغنائه عن كلمة الله، واعتبار نفسه قادراً على معرفة خيره. وفي كلّ مرّة نسقط، تكون سقطتنا نتيجة تخلّينا عن كلمة الله، معتقدين أنّه بإمكاننا أن نميّز بين ما هو لخيرنا وما هو لشرّنا.
الاستغناء عن الله لا يضرّه والارتباط فيه لا يقدّسه، وإنّما يشوّه إنسانيّتنا. نحن مرتبطون بالله منذ البدء، منذ أن نفخ فينا روحاً من روحه، وبالتّالي إنّ روح الله فينا. وكلّ عمل نقدم عليه يسيء إلى إنسانيّتنا، يسيء إلى روح الله فينا. " أمامك وحدك أخطأت والشّرّ قدّامك صنعت" ( مزمور 50/4). ولمّا كنّا لا ندرك ببشريّتنا تمام معرفة الخير والشّرّ، ولمّا كنّا نعثر بسهولة بسبب هشاشتنا، أمسك الله بنا حتّى نسلك في النّور، فلا نعثر. والصّوم بما يحمله من تطويع للذّات وتدريبها على قول ( لا) لما يهين إنسانيّتنا، يؤهّلنا لأن نفرّغ ذواتنا من كلّ شيء حتّى يسكن فينا المسيح. فنصرخ مع بولس الرّسول: " لست بعد أنا من يحيا، بل المسيح هو الّذي يحيا فيّ".
أهّلنا أيّها المسيح الحبيب في هذا الصّوم المبارك، أن نقوم من ترابيّتنا ونصعد أبداً نحوك، لابسين ثوب النّقاء والمحبّة، حاملين صليب المحبّة حتّى نرتفع عليه ممجدّين كما ارتفعت من أجلنا، أنت وحدك الّذي يليق بك كلّ مجد ووقار مع أبيك وروحك الحيّ القدّوس، من الآن وإلى الأبد. أمين.

» نصوم لنلقى وجه السّيّد. (3)
» نصوم لنلقى وجه السّيّد. (4)
» نصوم لنلقى وجه السّيّد. (5)
» نصوم لنلقى وجه السّيّد. (6)
» نصوم لنلقى وجه السّيّد. (7)