" ثقوا أنا قد غلبت العالم " (يوحنا 16/ 33) (16)

" إرحمني يا الله، أنا الخاطئ!" ( لوقا18/13)
هذه الآية الممزوجة بالرّحمة والتّواضع والإنسانيّة، يتفوّه بها قلب من كان قريباً من النّور. والنّور هو المسيح، وكلّما كان الإنسان مرتبطاً به أدرك عمق ذاته وسعى إلى الاكتمال به. لا تدعو هذه الآية للشّعور بالذّنب أو الاستسلام للضّعف البشريّ، وإنّما ترشدنا إلى نقطتين أساسيّتين: الأولى، الرّحمة الإلهيّة، والثّانية إدراكنا لأهمّيّة اللّجوء إلى هذه الرّحمة والغوص في غوار ذواتنا والإصغاء إلى ضمائررنا على ضوء محبّة الله حتّى نتنقّى من كلّ ما يمكن أن يشوّه صورتنا الّتي هي على صورة الله ومثاله.
يقول القدّيس إسحق السّرياني: " اتضع ترَ مجد الله فى داخلك، لأنّه حيث ينبت التّواضع، من هناك ينبع مجد الله.". والتّواضع يعني أن نكون صادقين مع أنفسنا بما يكفي لنعلم أنّ طبيعتنا البشريّة ناقصة وتخضع للضّغف البشريّ، وبالتّالي هي بحاجة إلى قوّة تعينها على هذا الضّعف وتنتشلها من النّقص. هذه القوّة هي الله، ومنه نستمدّ كلّ قوّة لندرك أعماق نفوسنا فنرفع حسناتنا ونحاول التّخلّي عن سيّئاتنا حتّى نصل إلى ملء قامة المسيح. ولا نتبيّن هذه السّيّئات إلّا على ضوء مجد الله، لأنّه الشّمس الّتي تجعلنا نرى نفوسنا الملطّخة.
علينا أن نردّد باستمرار هذه الآية حتّى ندع الله يبلغ بنا إلى حيث لا نستطيع البلوغ وحدنا، كما يقول القدّيس أغسطينس، وحتّى نرتقي إلى إنسانيّتنا الكاملة واثقين أنّ رحمة اللّه أكبر من خطيئتنا، مثابرين على الاتّحاد بيسوع المسيح حتّى نتقوّى به. والثّقة هي " أنّنا نستطيع كلّ شيء بالمسيح الّذي يقوّينا" ( فيليبي 4/ 13).
تشجّعوا لأنّ الرّبّ قريب.

» " ثقوا أنا قد غلبت العالم " (يوحنا 16/ 33) (12)
» " ثقوا أنا قد غلبت العالم " (يوحنا 16/ 33) (17)
» " ثقوا أنا قد غلبت العالم " (يوحنا 16/ 33) (18)
» " ثقوا أنا قد غلبت العالم " (يوحنا 16/ 33) (19)
» " ثقوا أنا قد غلبت العالم " (يوحنا 16/ 33) (1)