lama مجموعة الإشراف
عدد المساهمات : 233 تاريخ التسجيل : 06/01/2010
| موضوع: مأساة الانسان 13/3/2010, 3:01 pm | |
| مأساة الانسان هي الصراع بين لا محدودية الرغبة ومحدودية الوجود.
يوجد الانسان على الارض ويفتح عينيه على الموجودات المحيطة به . قتوقظ رغائبه وتشده الى هذه االموجودات فيندفع نحوها بملئ جوارحه ، ناشداً فيها ارواء غليله واشباع جوعه الى الطمأنينة والسعادة والانشراح والاكتمال ولكنه يكتشف بخيبة ومرارة ان الموجودات كلها مقصرة لا محالة عن تحقيق مآربه وانها تعده بالاكتمال المنشود ولكنها لا تفي بوعدها.شأنها في ذلك شأن المرأة المحبوبة التي يضع الشاعر الفرنسي الكبير بول كلوديل على لسانها هذه العبارة ذات الدلالة :إنني الوعد الذي يستحيل تحقيقه.
ان الفشل الذي لا محالة تمنى به رغائب الانسان يبلغ ذروته بالموت. ذلك الموت الذي يدرك الانسان وحده دون سائر المخلوقات الحية لانه بخلافها متميز عن الكون يعي الكون ويعي ذاته ومصيره .
فما سر هذا التناقض المأساوي الذي يعاني منه الانسان الذي عبر عنه الشاعر لامرتيين ببيتين له خالدين:" محدود بطبيعته لا متناه من حيث أمانيه، الانسان إله ساقط يتذكر السماوات"
الواقع أن الله قد زرع في قلب الانسان رغبة لا متناهية توقظها الموجودات دون أن يكون بوسعها إروائها، قاصداً من وراء ذلك أن يتخذ من الموجودات لغة يخاطب بها قلب الانسان ويوجهه إليه وشعره بأنه هو وحده قادرأن يلبي الانتظار الذي توقظه فيه الموجودات وأن يحقق أمانيه وبأن تلك الأماني إنما هي أعظم من الكون الذي يوقظها لإنها تستهدف في آخر المطاف سيد الكون وبارئه. شأن الله في ذلك شأن الحبيب الذي يرسل الى حبيبته باقة من الزهور فاتنة الألوان عطرة الاريج ولكنها على روعتها ، لايسعها أن تكون بحال من الأحوال محط أماني الحبيبة التي تتجه من خلالها الى باعثها ومعطيها ، في هذا المنظار يصبح الموت على قسوته ورهبته ، ذلك المعبر الذي ينسلخ به الانسان عن الموجوات ليتسنى له ان يحقق اللقاء التام والمباشر بقطب وجوده الحقيقي ، الذي هو اعظم من الموجودات قاطبة.
ولكن الانسان كثيراً ما يسئ فهم مقصد الله ويتصور أن الله عدو له يعتمد حجب السعادة عنه لتحجيمه وإذلاله وتعذيبه .. هكذا تغيب عن الانسان صورة الإله الحقيقي وتستبدل بتلك الصورة المشوهة . فتضطرب من جراء ذلك علاقة الانسان بالله فإما يتمرد عليه او انه يبطن هذا التمرد مستراً إياه بخضوع عبدوي ذليل برضوخ المغلوب على أمره لسلطة لا مناص له منها . ومتخذاً من ذلك الاله الممسوخ نموذجاً يتماهى به في علاقته بسواه من الناس.
هذه العلاقة المشوهة بالله تنعكس على مجمل مواقف الانسان من نفسه ومن الموجودات وعوض ان يرى الموجودات والكائنات باحترام ورأفة كونها هي صور حية لله فيتصل بها ويذوق طعم اللقاء الموعود . نراه ينقضّ عليها بشراهة لا تعرف حد موهماً ذاته بأنه على قدر ما يعب منها يستطيع أن يملأ فراغه ويشبع جوعه الكياني . وعوض ان يتخذها نوافذ ييطل منها على الله ، حولها الى مرايا لا يشاهد فيها إلا صورة نهمه.
من كتاب الله والشر والمصير
(كوستي بندلي) | |
|
georgette ادارية
عدد المساهمات : 3446 تاريخ التسجيل : 06/02/2010
| موضوع: رد: مأساة الانسان 17/3/2010, 12:35 am | |
| موضوع رائع لما ربنا يبارك تعب محبتك اذ كريني في صلاتك | |
|
fr.boutros Director-General
عدد المساهمات : 3017 تاريخ التسجيل : 18/11/2009
| |
nahla nicolas مجموعة الإشراف
عدد المساهمات : 474 تاريخ التسجيل : 13/01/2010
| موضوع: رد: مأساة الانسان 24/3/2010, 7:09 pm | |
| | |
|