أيهما هو الأسمى، الرهبنة أم الزواج (الشيخ بايسيوس الآثوسي

في البدء وقبل الولوج في الحديث عن موضوعنا هذا، على الشاب أن يفهم ما هو هدف الإنسان وما معنى حياته. عندما يدرك المرء معنى سر الحياة، عندها يدرك بأن الطريقين الذين حددتهما الكنيسة – الرهبنة والزواج - هما مباركين. فالطريقان يقودان إلى الفردوس إذا ما عاش الإنسان خلالهما بحسب مشيئة الله

فلنفترض بأن اثنين انطلقا للسجود في أحد الأماكن. الأول أخذ سيارته وانطلق والآخر قرر الذهاب سيراً على الأقدام. بالرغم بأن لكل واحد منهم طريقته للذهاب، إلا أن الوجهة المقصودة واحدة والوصول سيكون إلى المكان ذاته، والله سيفرح بسجود الأول كابتهاجه بتبرك الآخر

ما قد يكون سيئاً وشريراً في الموضوع هو أن يدين الأولُ في قلبه طريقة الآخر أو العكس، وأن يزكي نفسه على حساب الآخر فيظن نفسه بأنه اختار الطريق الأفضل. فلا يظنّن أحدهم بأنه كسب الملكوت إذا ما ذهب إلى الدير وصار راهباً. كلُ إنسانٍ سيؤدي حساباً أمام الديان عن حياته، هل قدسها وتقدس بها؟

هناك الكثير من الناس المتزوجين عاشوا بصدقٍ حياة الفضيلة وتقدّسوا بها. فإذا ما أحب ربُ البيت اللهَ، وشُغف بحياة العشق الإلهي، فثيثمر ثمراً روحياً ناضجاً، وسيبني عائلةً مباركة، يزين من خلالها أولاده بالفضائل الإلهية، وعندها ينال أجره من الله مضاعفاً.

هكذا إذاً يجب على الإنسان أن يجاهد لتقديس حياته في أي طريقٍ يختاره في الحياة.

أتريد الزواج؟ تزوج وجاهد أن تكون ربَ أسرةٍ صالحاً، وعش حياةً فاضلةً مقدسة

أتريد الرهبنة؟ فليكن، لكن جاهد أن تكون ملاكاً وعش تلك الحياة الملائكية على الأرض حيث لا يزوجون ولا يتزوجون، وقدس ذاتك والآخرين

فليقف كل إنسان مع ذاته وليفحص قواه ويقس طاقاته، ويقرر ماذا يريد أن يكون، وكيف يلائمه أن يعيش، وليجاهد بصدق وتواضع في درب حياته، والله سيبارك هذا وذاك.

(من كتاب الحياة العائلية للشيخ بايسيوس، إصدار دير السوروتي، ص 19 – 21