((فمَنْ سمِعَ كلامي هذا وعمِلَ بِه يكونُ مِثْلَ رَجُلٍ عاقِلٍ بَنى بَيتَهُ على الصَّخْرِ.
فنزَلَ المَطَرُ وفاضتِ السُّيولُ وهَبَّتِ الرِّياحُ على ذلِكَ البَيتِ فما سقَطَ، لأنَّ أساسَهُ على الصَّخرِ
ومَنْ سَمِعَ كلامي هذا وما عمِلَ بِه يكونُ مِثلَ رَجلٍ غَبـيٍّ بنَى بَيتَهُ على الرَّملِ.
فنَزَلَ المطَرُ وفاضَتِ السُّيولُ وهَبَّتِ الرِّياحُ على ذلِكَ البَيتِ فسَقَطَ، وكانَ سُقوطُهُ عَظيمًا)).
ولمّا أتمَّ يَسوعُ هذا الكلامَ، تَعَجَّبتِ الجُموعُ مِنْ تَعليمِه،
لأنِّهُ كانَ يُعَلَّمُهُم مِثلَ مَنْ لَه سُلطانٌ، لا مِثلَ مُعلِّمي الشَّريعةِ.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
ألإيمان هو بناء علاقة حميميّة بيننا وبين الله . والمبادر ببناء هذه العلاقة هو الله ، وبتفاعلنا مع مبادرته نعلن إيماننا به . والإيمان هو أن أن أصدّق بعقلي وجود الله ، المحبّة المطلقة واللّامتناهية ، وأن أسمح لهذا التّصديق أن يتسرّب إلى قلبي ، فينفتح على المحبّة الإلهية ويستنير بها .
لا يكفي أن نسمع كلمة الله ونحفظها وحسب لنقول أنّنا مؤمنون ، بل علينا أن نعمل بها ، فنترجم إيماننا بأعمال تعكس صورة الله الّتي فينا.
ويشبّه يسوع من يسمع كلامه ويعمل به ، برجل عاقل بنى بيته على الصّخر . والعاقل هو من استنار بالحكمة ، ليحيا حياته بكرامة . فهذا البيت لن يتأثّر بالعوامل الخارجيّة مهما كانت قاسية . كذلك إيماننا عليه ألّا يتأثّر بالمشاكل والصّعوبات الّتي يرمز إليها الرّب بالمطر والسيول والعواصف . أن أؤمن بالرّبّ ، فهذا لا يعني أنّني لن أواجه الصّعوبات والمشاكل ، ولكنّ إيماني يشكل سدّاً منيعاً لها ، فأواجهها انطلاقاً من ثقتي بالله ، فلا أتزعزع ، ولا أخاف ولا أسقط .
أمّا الغبيّ فيبني بيته على الرّمل ، وما إن ينزل المطر وتفيض السّيول حتّى يسقط هذا البيت ، ويكون سقوطه عظيماً ..
كذلك نحن ، ومن قلّة حكمتنا ، نسمع كلام الرّب ، نحفظه جيّداً ، ولكنّ الخطر الكبير ، أنّنا لا نسمح لله أن يتدخّل في حياتنا . فعندما تواجهنا أي مشكلة أو أي صعوبة ، نسقط ، ويكون سقوطنا عظيماً .. ونعود ونعاتب الله على عدم مساعدته لنا ، مع أنّنا منذ البدء لم نسمح له بالتّدخّل . إنّ آدم سمع كلام الرّبّ ، ولكنّه لم يعمل به ، فسقط ، وكان سقوطه عظيماً ..
إذا أردنا أن نحيا ، وهنا لا نتكلّم عن الحياة السّطحيّة ، بل عن " الحياة " ، الّتي هي هبة من الله ، علينا أن نرتبط به ارتباطاً وثيقاً ، وندخل معه في علاقة حميمة ، وطبيعيّة ،بكل ما تحمل هذه العلاقة من معاني الحبّ والجمال ، وبالتّالي تكون حياتنا مبنيّة على أساس صلب ألا وهو محبّة الله . هذه هي الصّخرة الّتي يجب أن نبني عليها بيتنا ، صخرة الإيمان الواعي ، وليس الإيمان الكلاميّ . والإيمان الواعي هو أن نثق بشكل مطلق بالله ، ولا نطيعه وحسب ، بل أن نسمح له أن يعمل من خلالنا . إنّ الطاعة في مفهومنا المسيحيّ ، ليست العبوديّة ، وإنّما هي الطّاعة الواثقة ، فنحن نثق بمن نطيع ، فهو لا يريد إلّا خيرنا .
إنّ العالم اليوم يرذل الإيمان ويعتبره لا يقيني ، ويريد إثباته بالعقل فقط ، ولن ينجح ، لأنّ المحبّة ليست بحاجة لإثبات وإنّما لاختبار . فالإيمان ليس معادلة علميّة وإنّما عيش حقيقيّ للمحبة .