من واقع الحياة, رسالة من طفل – لم يـرَ النور - إلى والدته

أنا ابنُكِ ، أتتذكرين ؟ من كان مفروضًا عليه أن يكون أبي ، قد سافر بعيداً عن البلاد ، و لم تنفع كلُّ تصاريح الحبّ التي كنتمَا تتبادلانها . و في أثناء غيابه دخل حياتكِ رجلٌ آخر . و من هذه المغامرة العاطفيّة حبِلتِ بي . كم هي عذبةٌ الذكري التي أحفظها ، يا أمّي ، من الشهرَين و العشرين يوماً التي قضُيتها في أحشائكِ! كنتُ أشعر أنّي في أمانٍ تامّ . كنتُ أدرك أنكِ لا تريديني ، إذ بماذا سيفكر ( أبي ) عند عودته ؟ لا شك سيذرّ قرنيه و يثور ثائُره طبعاً ، بمَا أنّي لستُ ابنَه . فلابدّ إذن من إخفاء الزلّة بقتل الواشي الذي هو أنا . لم أكن أعرف عندئذ شيئاً من الجدال الناشبِ بينكِ و بين عشيقكِ ، لأنه هو كان يريد أن أولد ، أمّا أنت ، فلا . و بعد شجارٍ و غضبٍ متبادلَين ابتززتِ منه المال اللازم لموتي . إنّكم تضعون ثمناً لكل شيء ، حتى لاغتيال البريء الأعزل . و لقد أعقَبتِ بعد ذلك بقولك : ما أبهظَ الإجهاض! أنا لا أبّرر جريمتكِ و لكنّي أسامحكِ .
من واقع الحياة, رسالة من طفل – لم يـرَ النور - إلى والدته 33904_119343481458557_100001487180097_139895_1436722_a

من واقع الحياة, رسالة من طفل – لم يـرَ النور - إلى والدته 33904_119343481458557_100001487180097_139895_1436722_a

أمّا ما لم يدركه ذهني ، فهو ذلك الحليب الفاسد الذي قدمه لي الوحشُ الأسود ( الطبيب ) المتّشح
بالبياض . يا له من ألم قاتم ، عندما غَرزَني بتلك الإبرة الضخمة ليتمكّن
من تفتيتي ، و ما أشنع تلك السّفاطة اللعينة التي ابتلعت جسدي الصغير
المفتّت ! .. إنّ ذلك قد صدمكِ أنتِ أيضًا صدمة ً قويّة .
إنّي أعرف ، يا أمّي ، لياليَك الطويلة بدون نوم ، و الرغبات المفاجئة . أعرف أنكِ تحبّيني و تحلمين بي ، و أكثر من مّرة تساءلتِ بضميرٍ نادم ، هل أنا صبيٌّ أم بنت ؟ هل تَقدُرين الفرح الذي كنتُ سببّتُه لكِ لو وُلدتُ سليماً ؟ أتعرفين ، يا أمّي ، أنّ الأولاد غير المرغوب فيهم هم المحبوبون أكثرَ عند ولادتهم ؟
أنا صبيٌّ ، و أشبهكِ أكثر مما أشبه الرجلَ الذي أغواكِ . كيف يُمكنكِ أن تنسيَني و أنا أطلب إلى الله في كلّ وقت أن يمحوَ من ذهنكِ تلك الأحلام التي تزعج راحتكِ ، و تعطيكِ الموت و أنت حيّة ؟ لأجل ذلك كم كان فرحي كبيراً ، عندما فتشّتِ عن الكاهن الذي أعطاك السلام ، و صالحكِ مع ربّ الحياة . أمّي العزيزة ، أريد أن أراكِ سعيدة . تذكّري العبارة الصغيرة التي قالها لكِ الكاهن و هو يودّعكِ : إنّ الله قد حقّق فيكِ عملَ محبّة . الوقت يشفي الجُرح و حِلمُ الله ينقذ .
من واقع الحياة, رسالة من طفل – لم يـرَ النور - إلى والدته 67683_119343641458541_100001487180097_139896_7272905_a

من واقع الحياة, رسالة من طفل – لم يـرَ النور - إلى والدته 67683_119343641458541_100001487180097_139896_7272905_a

و فيمَا أكتب لكِ هذا ، أرى بقربي أنطونيو ، صديقي ، و هو مثلي لا اسم له و لا تعريف . فقد قتلته أمّه لأنها كانت فتاةً صغيرةً عندما اغتصبَها رجلٌ في إحدى الليالي و هي عائدةٌ إلى بيتها . و إذ لم تكن تحبّ هذا المغتصب فقد تخلّصت من ابنها بضعةَ أسابيع بعد الحبل به . و أنا أسمّيه أنطونيو لأنه مغرمٌ بالموسيقى . و يعزف على الكمنجة مثل الملائكة ، فوق ذلك إنه يؤلّف القطع الموسيقيّة للمزمار و الأرغن و الصنوج و غيرها .
من واقع الحياة, رسالة من طفل – لم يـرَ النور - إلى والدته 72419_119344381458467_100001487180097_139899_4424144_a

من واقع الحياة, رسالة من طفل – لم يـرَ النور - إلى والدته 72419_119344381458467_100001487180097_139899_4424144_a

و قد سمّيناه أنطونيو تشبهًا بذلك الكاهن من مدينة البندقيّة عازف الكمان ، و المؤلّف الشهير فيفالدي . و صديقي أنطونيو يلاحقه دومًا هذا السؤال : إذا كانت أمّي لا تحب الرجل الذي اغتصبها ، فلماذا قتلتني أنا الذي كان أحبّها دائمًا ، و ما استحى بها أبـدًا، ؟ لم أستطع أن أجــــد له الجواب المقنع . لأنّنا هنا في مملكة المحبّة لا نفهم إلا لغة المحبّة . لذلك لا ندرك مناقشاتكم على موضوع الإجهاض ، بسبب تكوين الجنين المشّوه ، أو بسبب الاغتصاب ، أو بسبب الضائقة الاقتصاديّة أو عدم الرغبة في الأولاد . و يقولون لي إنّ الحروب و أفران هتلر الغازيّة لم تسبّب مثل هذه المجزرة المجرمة و الفائقة الحدّ .
بإجهاضكم قد حرتم البشريّة من شُعـَراء نابغين و كهنــةٍ و أطبــّاء و فلاسفة و موسيقيّين و طيّارين و رجال اقتصاد و أساتذة و رجـال دولة و رسّامين و مهندسين و محرّرين و قدّيسين و قديسات . و كلّهم هنا يقولون لي إنّني كنت أصبحت جرّاحًا ماهرًا أو عازف كمان مثل موزار . و عندما سنجتمع سترّين ، يا أمّي ، أيّة يدين لي و أيَّ إحساس , و أيَّ تجاوب . و أماّ ما يسّرني بالأكثر فهو قولُهم لي : لا بدّ أن تكون أمُّكَ فائقةَ الجمال … لا تبكي، يا أمّي ، إنّي أسامحكِ و أحبّكِ كمَا يحبّكِ الله . إنسَي الماضي .
آه ، لو يمكنني النسيان ! و مع ذلك فإنّي أذوب حبًّا لأراكِ . و لكن لا تسرعي بالمجيء . فإخوتي هم بحاجةٍ إليكِ . إعملي لهم
من واقع الحياة, رسالة من طفل – لم يـرَ النور - إلى والدته 74428_119344898125082_100001487180097_139901_5039188_a

من واقع الحياة, رسالة من طفل – لم يـرَ النور - إلى والدته 74428_119344898125082_100001487180097_139901_5039188_a

ما لم تستطيعي أن تعمليه لي . و ما تعملينه لإخوتي أقبلُه كأنه يُعمل لي . و أخبرك أنّه عندما تغسلين أختي الصغيرة أو تُرضعينها ، لا أدري أشعر بشيء من الحنين إلى ما كان يمكنني أن أكون و لم يعطَ لي أن أكون . كم كنتُ أتمنّي أن أرضع أنا أيضًا من حليب ثديَيك ، و أن تداعبني يداك الناعمتان الشديدتا الشبه بيديّ ، يدَي طبيب جّراحٍ ماهرٍ لم يرَ النور .
من واقع الحياة, رسالة من طفل – لم يـرَ النور - إلى والدته 74387_119345114791727_100001487180097_139903_89326_a

من واقع الحياة, رسالة من طفل – لم يـرَ النور - إلى والدته 74387_119345114791727_100001487180097_139903_89326_a

و أختم رسالتي ، طالبًا منك نعمة ، ليست لي ، كمَا تعلمين ، و لكن للملايين من الأطفال الآخرين أّلا يخزوهم كمَا فعلوا لي . فإذا كنتِ تعرفين فتاةً تحاول الإجهاض ، أو شخصّا يدعو إلى تبرير الإجهاض ، أو طبيبًا قاتلاً يلطّخ سمعة إبقراط ، فبدّلي قلبهم الحجريّ بقلبٍ من لحم و دم . أعطي صوتك للملايين من الأطفال الذين لا صوتَ لهم . أُصرُخي بملءِ فمكِ أن لنا الحقَّ بالحياة ، حتى لو كنّا غير محبوبين ، فلنا الحقُّ بان نَحُبّ و نطلبَ أن يدعونا نعيشُ لنُحِبَ . إنّه لمحزنٌ جدًّا أن يكونَ لنا قلبٌ بلا فائدة!
إلى اللقاء ، يا أمّي ، و عندئذٍ سأريكِ كم أحبّكِ ، وأحبَبتُكِ بقلبٍ طافح بالقبلات ، و إن يكن لم يستفتح بها بعد.
طفلكِ الذي لم يرَ النور
من واقع الحياة, رسالة من طفل – لم يـرَ النور - إلى والدته 39543_119345248125047_100001487180097_139904_5333918_a

من واقع الحياة, رسالة من طفل – لم يـرَ النور - إلى والدته 39543_119345248125047_100001487180097_139904_5333918_a

هذه الرسالة – معّربةً عن الإسبانيّة – عن مجلة المسرة - اللبنانية
اعداد الاب فرنسيس فايز

كم أثرت في هذه القصه ولن أبالغ اذا قلت اننى اقشعر بدني عند قراءتي لها
نجحت باقتدار فى ايصال ما اردت ان ترسله لكل الامهات
كل الشكر والتقدير لك

من واقع الحياة, رسالة من طفل – لم يـرَ النور - إلى والدته 36688750362965968980

من واقع الحياة, رسالة من طفل – لم يـرَ النور - إلى والدته Fdghdfhh

ا الأخت جورجيت موضوعك ممتاز والرب يحميك ويرعاك

» شفاء المخلّع ، واقع يتكرّر كلّ يوم
» شفاء المخلّع ، واقع يتكرّر كلّ يوم (2)
» ام النور
» سبت النور
» أحلى رسالة وصلتني