العماد المقدّس باب نحو الحرّيّة

ما لم تكن العلاقة بالله ارتباطاً حرّاً، فلا معنى لأيّة عبادة، ولا أهمّيّة لأيّ طقس يمارس في الواقع. ما يشرح قوّة كلمة الرّبّ في ( مرقس 11:1): " هذا هو ابني الحبيب الّذي به سررت". نحن أمام إعلان الحبّ الإلهيّ أمام تفاعلنا مع الإيمان الّذي زرعه فينا. فكلّ من اعتمد يغمره الفرح الإلهيّ الّذي يريد أنّ الجميع يخلصون وإلى معرفته يبلغون. ( 1 ثيموتاوس 4:2). وكلّ من يقبل سرّ المعموديّة يسمع همس الرّبّ: " هوذا ابني الحبيب الّذي به سررت". وجمال المسيحيّة يظهر في الخطوة الحرّة نحو الرّبّ، المؤديّة إلى معرفته وسلوك سبله.

نحن لا نولد مسيحيّين بل نصير، فمسيحيّتنا ليست وراثيّة وإلّا انتفى مبدأ العلاقة بين الله والإنسان. وهذه الصّيرورة مسيرة مستمرّة نحو الحرّيّة، إذ إنّ الدّخول في سرّ الحبّ الإلهيّ يتشكّل في خطوات تحرّريّة حتّى بلوغ الحرّيّة المطلقة، الله.

أولى هذه الخطوات تتجلّى في العماد المقدّس، حيث نموت عن إنساننا العتيق ونقوم مع المسيح لابسين إيّاه، مبتنين علاقة جديدة معه. الإنسان الجديد فقط يستطيع أن يبني علاقة مع الرّبّ، لأنه قبل أن يتجرّد ويدخل عمق السّرّ الإلهيّ. لذا فالعماد ليس طقساً آنيّاً، بموجبه نصبح مسيحيّين وحسب، بل إنّه مسيرة نحو الله تتجدّد كلّ حين.

ينقلنا سرّ المعموديّة من الحالة الإنسانيّة إلى الحالة المسيحيّة، فالمعتمد لا يعود إنساناً بل يصبح مسيحيّاً. فالخلق الجديد هو المسيحيّة بمعناها الإنسانيّ الإلهي الكامل، وليس بمعنى الهويّة الدّينيّة. الهويّة الدّينيّة غير كافية ولا تمثّل الكثير ما لم يسطع الإنسان الجديد ويحقّق صورة الرّبّ في العالم.

" إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله." ( يوحنا 5:3). متى ولدنا من الماء والرّوح، سندخل ملكوت السّماء أحراراً، لأنّنا اغتسلنا بالمحبّة الإلهيّة وتطهّرنا وزالت كلّ شوائبنا. وما دمنا لابسين المسيح فنحن نحيا الملكوت منذ الآن، ونكتشف ملامحه ونتبيّن سرّه العظيم حتّى نبلغه ونعاينه كاملاً، لأنّنا تعمّدنا جميعاً في المسيح فلبسنا المسيح. ( غلاطية 27:3).

» الحرّيّة في المسيح.
» ألصّوم ... ثورة لبلوغ الحرّيّة
» حقيقة الموت قيامة نحو الحرّيّة
» شخصيات من الكتاب المقدّس (1)
» شخصيّات من الكتاب المقدّس (3)