الغني العديم الشفقة وعقابه

موضوع: الغني العديم الشفقة وعقابه 23/9/2013, 2:32 am

في مساء أحد السبوت, كان القديس نيفُن في كنيسة القديس أناستاسيوس, ورأى فجأة والدة الإله الفائقة القداسة تظهر وسط الشعب, ويرافقها الرسل القديسون, وبدا وكأنها تفحص بأية فضيلة كان يتحلّى كل مسيحي. وشاهدها القديس سعيدة و راضية عند معاينتها عدداً لا بأس به, لأنها رأت كدَّهم في الجهاد من أجل خلاصهم. ولكنها كانت تدمّع عند رؤيتها بعضاً منهم, و تهزُّ رأسها بأسفٍ, لأنها رأتهم يهملون أنفسهم. وكانت تقف عند كل واحد من هؤلاء الآخرين, وترفع يديها نحو "المولود منها" وهي حزينة مدمّعة, وتطلب منه أن يمنحهم التوبة.
تأثر نيفُن بعمق لمشاهدته هذه الرؤيا, واندهش كيف أن والدة الإله الكلية الطهارة, لا تترك المسيحيين لا ليلاً ولا نهاراً, بل تحامي عن الأبرار و الخطأة باستمرار, بحيث لا يهلك أحدٌ منهم.
وفي النهاية, رأت خصياً يقف بالباب وكان ثمة فقراء يلتمسون منه صدقةً, لكنه لم يكن يعطي شيئاً لأحد منهم. عندئذ اقتربت والدة الإله من ملاكه الحارس و سألته:
_قل لي يا إفثيئيل, هل يمتلك هذا الإنسان ذهباً كثيراً؟
_نعم, لديه يا سيدة. لأنه إنسان طمّاع, ويقتل نفسه لأجل خمسة قروش. كما يعذب عبيده بلا رحمة و يميتهم جوعاً و يجبرهم على العمل بقسوة
_وأي سبب يمنعه من إعطاء صدقة للفقراء؟
_ يا سيدتي الصالحة, إن الشيطان يأتي باستمرار إليه ويقول له:
"بعد قليل سوف تشيخ وتمرض, وستمكث طريح الفراش , فلا تعطِ أحداً شيئاً, لأنك سوف تُحرم من كل شيء وستقول: ماذا فعلت فوزعت كل مالي على الفقراء؟!
هذا يا سيدتي الفائقة القداسة, ما يقوله له الشيطان الشقي كل مدة. والخصي يصدق هذه الأقوال ويمكث قاسياً وغير مبالٍ بتعاسة الآخرين!
فقالت والدة الإله بلهجة قاسية:
_ هكذا إذاً. سوف يحدث معه كما يعتقد
وبالفعل, كما صدّق الخصي الفكر الشيطاني القائل له بأنه سوف يمرض, سقط هو طريح الفراش بمرض فظيع, وأنفق كل ذهبه على الأطباء , ومع ذلك,لم تتحسن حاله البتة, بل كان يمضي من سيء إلى أسوأ إلى أن انحلَّ من هذه الحياة, مثل الدخان, ومات روحياً و جسدياً. وبهذا انطبقت عليه الأقوال الإلهية:"هوذا إنسانٌ لم يَضعِ الله عاضداً له, ولكنه وضع رجاءَه على غناه وتشدَّد بباطلِهِ"

من كتاب القديس نيفُن
الأسقف الناسك

» مثل الغني ولعازر (لوقا 16 || 19-31)