(عجائب ورؤى من القداس الإلهي)

تقيم كنيستنا المقدسة في الخامس عشر من شهر تشرين الأول تذكار راهبٍ شهيد مجهول الإسم.
لقد كان هذا الراهب يعيش لسنوات طويلة في إسقيط في مصر، حيث كان مطيعاً لرئيسه، لكن الشيطان الحقود جعله يطرح طاعته ويترك إرشاد رئيسه من دون أي سببٍ مبارك، متجاهلاً التوبة التي وضعها الشيخ كقانون.
رحل الراهب إلى "الإسكندرية"، حيث أمسك به الحاكم الوثني نازعاً عنه الإسكيم الملائكي ومجبراً إيّاه على التضحية للأوثان. لم يقتنع الراهب أبداً بالتضحية للأوثان، فأمر حينئذٍ الحاكم بجلده ثم قطع رأسه بالسيف. وهذا ما حصل إذ اختطف عبدة الأوثان الراهب وقطعوا رأسه ثم ألقوا جسده خارج المدينة لتأكله الكلاب، لكن بعض المسيحيين الأتقياء أتوا ليلاً ورفعوا جسده، ثم دهنوه بالمرّ ولفوه بأقمشة ووضعوه في تابوت داخل الكنيسة، ومن ثم وضعوه في الهيكل المقدس ليتم تكريم بقاياه معتبرين إياه شهيداً. لكن كل مرة كان يهتف فيها الشماس خلال القداس الإلهي: "يا جميع الموعوظين اخرجوا، اخرجوا ايها الموعوظون"، كان جميع المؤمنين الحاضرين في الكنيسة يرون التابوت يخرج من الهيكل من تلقاء ذاته، من دون أي مساعدة بشرية، حيث يصل نارثكس الكنيسة قابعاً هناك حتى نهاية الخدمة ثم يعود إلى الهيكل بالطريقة التي خرج فيها وقد كان الجميع يتسمرون محدقين بما يحصل.
عَلِمَ أحد المميّزين بالأمر، فتضرع إلى الله أن يمنحه تفسيراً لما حصل، وسرعان ما ظهر له سبب العجب الحاصل، فقد ظهر أمام الأب ملاكٌ وقال له:
"لماذا تتعجب متحيراً مما يحصل؟ ألم يأخذ رسل المسيح، كما تعلم، سلطان الربط والحل، ومنهم ورث خلفاؤهم هذا السلطان؟ فإن الأخ، الذي استأهل أن يسكب دمه لأجل المسيح، ليس مسموحاً له أن يكون في الهيكل المقدس أثناء تقديم الذبيحة غير الدموية، لذلك يقوم ملاك بإخراجه من هناك إلى النارثكس، فإنه عندما كان مبتدئاً عند ( فلان) رفيقك في النسك، طرح عنه منفعته، وتركه هذا الأخ وغادر مربوطاً بالقانون. لقد نال إكليل الشهادة كشهيدٍ، لكن بما أنه مربوط بقانون رئيسه فلا يمكنه التواجد في الهيكل المقدس عند إقامة القداس الإلهي ما لم يحله الشيخ الذي أعطاه القانون".
عندما اتضح الأمر لهذا الناسك القديس، تناول عكازه ومضى إلى رئيس الشهيد السابق وأخبره بكل شيء، ثم أخذه وانحدرا معاً إلى "الإسكندرية" متّجهين نحو الكنيسة حيث التابوت الذي يحوي بقايا الشهيد، والذي قاما بفتحه مانحين إياه الحلّ، ثم قبّلاه ووقفا مصليين وممجدين الله، ومنذ ذلك الحين، كان الراهب الشهيد يبقى داخل الهيكل المقدس في موضعه بلا حراك عندما كان يقام سرّ الشكر الإلهي.

(عجائب ورؤى من القداس الإلهي)

almasdar