الحياة في المسيح وتحديات عالم اليوم
العالم يبقى تحدياً للمسيحي لماذا ؟؟؟
لأن المسيحي عالق ما بين موقفين ظاهرياً متناقضين , هو من عالم يعيش فيه إلزاماً وفي الوقت نفسه ليس من هذا العالم لا ينتمي إليه كونه مكرساً للمسيح وقد اختاره الله من هذا العالم . لا ينتمي إلى هذا العالم ينتمي إلى المسيح يقول القديس بولس : ( لأنكم لستم لأنفسكم لأنك قد اشتريتم بثمن بدم المسيح ) ( 1كو 6 : 19 - 20 ) .إذاً لا يستطيع المسيحي أن يغرق في تيار العالم وفي الوقت نفسه عليه أن يعيش ويشهد في هذا العالم .
يقول الإنجيلي يوحنا : (لاتحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم . إن أحبّ أحدٌ العالم فيلست فيه محبة الله لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العين وتعظّم المعيشة ... والعالم يمضي وشهوته وأماّ الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد ) ( 1يو 2 : 15 - 17 ) .من جهة أخرى يقول الإنجيلي يوحنا : ( لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية ) (يو 3 : 16 - 17 ) .
طابع العالم اليوم
العالم اليوم مادي يستند في أحلى حالاته على العلم والتكنولوجيا لا على الله . فيه كثير من الضياع , من القلق من القساوة . فيه ضعفٌ في المحبة ضعف في الإيمان , أنانية ومع ذلك أمراض نفسية شتى . والبرهان حسب الإحصاءات كثرة الأدوية العصبية . حتى الطبيعة تتشوه من جراء تشوّه نفسية البشر .....
هذا وإننا نحن المسيحيين لا نستطيع أن نرفض هذا العالم الذي نعيش فيه , لا نستطيع الهرب منه . حتى الراهب الذي يبتعد مكانياً عن ضجة هذا العالم يسعى من خلال صلاته أن يتحد بكل إنسان وخصوصاً بكل إنسان معذب وحتى بكل خليقة ناطقة وغير ناطقة .
المسيحي إذاً مدعو أن يشهد للمسيح في وسط هذا العالم الحلو والمر .. لماذا ؟ لأنه كما يقول الإنجيل هو ملح الأرض هو نور العالم هو قلب العالم هو الخميرة التي تخمر العجين كله ( أنتم نور العالم ليضىء نوركم قدام الناس ليروا أعمالكم الصالحة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات ) (متى 5 : 14 - 16 ) .
لكن كيف تكون الشهادة ؟
علينا أن نشهد لإيماننا أينما وجدنا , أن لا نخاف , أن لا نخجل , أن لا نستحي بالمسيح . هي رسالة عظيمة في العالم اليوم رسالة المحبة , محبة كل الناس , كل إنسان وضعه الله في طريقي , محبة كل الخليقة . هي رسالة أمل أي رجاء . المسيحي دوره أن يعطي رجاءً لكل إنسان ليس له رجاء , يسعى بكل الوسائل من أجل خلاص العالم , هو إنسان مبشّر حامل رسالة أينما وجد .
الحرية .
يُعرف أن الدين المسيحي هو دين المحبة والحرية . وأيضاً حسب إيماننا وحسب إيمان الشعوب عبر العصور , الحرية هي المطلب الرئيسي للإنسان , لإنسان اليوم , يقول القديس بولس ( دعيتم إلى الحرية أيها الأخوة غير أنه لا تصيّروا الحرية فرصةً لإشباع شهوات الجسد بل المحبة اخدموا بعضكم بعضاً ) ( غلا 5 : 13 ) .
إذاً نعم للحرية لا للفلتان ... لماذا ؟؟؟ لأن هناك رادعاً رادع المحبة ,رادع الطاعة . الطاعة للمسيح .
المال
هناك عائقاً وهو المال . المال وأيضاً المال . وضيق المعيشة لكثير من المسيحيين وسائر الناس أصبح أهم من الله . نحن نخاف من العوز , نخاف من المرض , نخاف من الموت . من أحب الرب لا يخاف ( لان المحبة تطرح الخوف خارجاً ) ( يو 4 : 18 ) .
وأيضاً أن نقبل الآخر كما هو
أن نصلي من أجله أن نشكر الله على كل شيء ,أن نقبل الآخر كما هو حتى وإن لم يكن من عائلتنا , من بلدنا , من ديننا , من طائفتنا , من مستوانا , حتى لو أزعجنا أو تلكم علينا بالسوء
المسيحي يجب أن يعيش في حضرة الله دائماً
نستطيع أن نكون مع المسيح مهما كانت مهنتنا . لننظر إلى عملنا لاكمهنة ووظيفة كسبيل عيش فقط بل كرسالة . المحامي مثلاً ليس بالضرورة كاذباً والتاجر كذلك والطبيب ... يمكن لعملنا أن يكون سبيلاً للخدمة , للإرشاد للإسعاف تحت ستار سرّية المهنة .
في عصرنا نحن بحاجة للصمت
نحن بحاجة للهدوء , إلى الصلاة , الهدوء ليس فراغاً إذا عرفنا كيف نملأه بحضور الله . في عصرنا نحن بحاجة إلى القناعة إلى الإقتصاد في المعيشة ,إلى التقشف .
في العائلة الذهاب إلى الصلاة المشتركة الذهاب للقداس الإلهي نهار الأحد إلى قراءة الإنجيل في البيت وسير القديسين . بدل السهر على التلفاز والمحطات الفضائية أو الكمبيوتر . أيوجد أجمل من أن تجتمع العائلة مع الأولاد ويصلون أمام أيقونة الصليب قبل النوم ؟ نحن بحاجة إلى حياة شركة في البيت في الكنيسة في الرعية .
بحاجة إلى البساطة غي العيش عند المسيحيين الأوائل كان كل شيء مشتركاً هكذا نكسر الجليد فيما بيننا , نذكر الرب في عالم بعيد عنه نلتقي ولا نعيش فقط لأنفسنا .
تبقى الثورة على النفس على شهواتنا هذه هي الثورة الحقيقة هذه هي الثورة التي خاضها المسيح لأجل خلاصنا . وأيضاً بدل أن تهاجروا بلدكم بلد المسيح اصمدوا بقناعة لو تعلم أيها المسيحي أنك إذا استطعت الصمود والعمل الوضيع لحصلت على أجر كبير . لنا شهادة عظيمة في هذه الأرض العربية حتى ولو لم يستجب إلا قلة للنداء فهذا العدد القليل هو البقية الباقية المعتمد عليها لا الآخرون , عندما يعود المسيح في مجيئه الثاني هل يجد مؤمنين على الأرض ؟؟
حديث للأب أفرام كرياكوس
------------------------------------------
المصدر:
أرثوذكس أونلاين -